يبدأ فريق الباحثين في برنامج العنف المجتمعي وسياسات الأمن البديل بدراسة ميدانية مستقلة حول المفاهيم والممارسات الشعبية المرتبطة بالعنف المجتمعي والأمن البديل في ثلاث مناطق مختلفة في القاهرة الكبرى من خلال ثلاث فرق بحثية.
المجموعة الأولى- منطقة المعادي:
تقوم هذه المجموعة بدراسة ميدانية في منطقة المعادي -وتحديداً مناطق "ثكنات المعادي" و"حدائق المعادي" و"عرب المعادي"– التي تتسم بتركيبة سكانية متنوعة من النواحي العرقية والثقافية والطبقية. ويشمل أهالي المنطقة مجموعة كبيرة من الجالية السودانية الوافدة لمصر وجاليات أفريقية آخري تسكن بجوار المصريين المقيمين في المنطقة. ويركز البحث علي العصابات السودانية التي كونها شباب سوداني إثر عملية فض اعتصام السودانيين بميدان مصطفي محمود في منطقة المهندسين بالعنف من قبل الشرطة المصرية في 2005 والتي راح ضحيتها عشرات المعتصمين. وتهدف المجموعة الأولي إلي دراسة أشكال العنف والممارسات الأمنية البديلة في المنطقة وعلاقتها بإشكالية الهجرة وتأثير العرق و مفاهيم الرجولية.
المجموعة الثانية – منطقة إمبابة:
اختارت المجموعة منطقة إمبابة بشمال الجيزة لدراسة أنماط العنف وأشكال التأمين المجتمعي التي ظهرت في أعقاب بداية ثورة 25 يناير 2011 داخل المنطقة. وكان قد تم اختيار منطقة إمبابة من قبل الرئيس جمال عبد الناصر في الخمسينيات من القرن لتكون المنطقة السكنية للطبقة العاملة بالقاهرة الكبرى. كما شكلت مركزاً للصراع العنيف بين الدولة والتيارات الإسلامية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وشهدت مراحل متتالية من الصراعات الطائفية كان آخرها حادث حرق كنيسة مار مينا في 2011. و منذ 2005 اتخذها اليسار المصري والقوي الثورية منطقة بؤرية لنشاطهم السياسي.
لذا تعتبر منطقة إمبابة ميدان بحثي خصب لدراسة علاقة الطبقة والنوع الاجتماعي والطائفية بالعنف والممارسات الأمنية البديلة. وتهتم الدراسة بالمفاهيم الشعبية للعنف وتتعرض بشكل خاص لإشكالية "الحماية" كأحد المبررات المتداولة لممارسات مجتمعية عنيفة.
المجموعة الثالثة – منطقة عابدين:
تهتم المجموعة الثالثة بدراسة علاقات السلطة داخل منطقة عابدين بوسط القاهرة باعتبارها مركزاً لمؤسسات الدولة، لاسيما وزارة الداخلية، ولقربها الجغرافي الدائم من الاشتباكات الجارية منذ ثورة 25 يناير 2011. وتعتبر عابدين في ذات الوقت منطقة سكنية وتجارية ذات تركيبة سكانية متنوعة تشمل طبقات اجتماعية متعددة مثل البرجوازية والحرفيين ورجال الدولة وقيادات الأحزاب والنخب السياسية والثقافية. وتضم المنطقة أطياف مختلفة من المصريين؛ فهناك تواجد نوبي كبير والكثير من سكان المنطقة القدامى وأبنائهم من القاهرة والصعيد وبعض محافظات الدلتا. ويتواجد بالمنطقة عدة أسواق مثل "الناصرية" و"الأثنين" وعلى مقربة منها سوق "باب اللوق". ويتجاور ويتقاطع الحي مع ثلاثة أحياء مهمة مثل حي السيدة زينب الشعبي ووسط البلد وجاردن سيتي، ويرتاد المنطقة من غير سكانها اعداد غفيرة كل يوم لوجود العديد من المصالح الحكومية والخدمات في تلك المنطقة.
ويركز البحث علي الممارسات الأمنية الخاصة بتأمين النشاط التجاري بالمنطقة والتي تشمل أشكال تأمين المحلات التجارية والأسواق والعلاقات التبادلية بين التجار والسكان ورجال الشرطة والباعة الجائلين.