تنشر نظرة الورقة المقدمة من "تحالف أمان النسوي" في المدرسة النسوية التي ينظمها التحالف.

ورقة بحثية

19 مارس 2023

 

 

من خلال دعم نظرة للدراسات النسوية للانتاج المعرفي من داخل الحركة النسوية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، تنشر نظرة تلك الورقة المقدمة من "تحالف أمان النسوي" في المدرسة النسوية التي ينظمها التحالف.

 

  المعايير الانثوية، قيود اجتماعية مفروضة على النساء 

-كتابة الباحثة طيبة علي.

وبمشاركة الباحثتان في الجانب الميداني أليفة حسن ومنة الله جواد.

 

 

تتعرض المرأة خلال حياتها إلى عملية تنميط وقولبة جسدية وذهنية ونفسية، لتهيئتها للدور الاجتماعي الذي يعدها له المجتمع وما يتوقعه منها وفق دورها البايولوجي وتشريحها الجسدي، الذي حكم عليها مسبقاً بهذه الحياة وبشكل عام، فقد أحتد النقاش في السنوات الأخيرة حول ماهية الانوثة وعن مواكبة النساء المتزايدة للقيام بعمليات التجميل واضافة ما يسمى بالرتوش على أجسادهن وأقتيادهن للقيام بها بأعتباره تمكين للمرأة، إذ اثارت عمليات التجميل خلافات واسعة بين الناشطات النسويات ومناصرات المرأة بين معارض ومؤيد. فنجد بعضهم يقول أنها حق من حقوق الإنسان، والبعض الأخر يعتبره انتهاك واضح لحق الجسد. وذلك لكون القطاع التجميلي قائم على فكرة المثالية التي تروج لها الشركات الرأس مالية وبدعم من الاعلام الذي يجعل من المرأة سلعة تعتمد على تقييم الآخرين من أجل رواجها. وقد شدنا الموضوع للقيام ببحثٍ نظري وميداني عن أسباب لجوء النساء للقيام بمثل هذه المخاطرة على الصعيد الصحي والمادي، وماذا يقبع خلف الكلمات التي ننطقها محاولين تفسير لماذا نذعن للمعايير الانثوية، ولماذا نقتاد بها بحياتنا اليومية، أكانت الأسباب فعلياً هي محاولة لتمكين النساء ولسهولة الإجراءات الطبية؟ ام ما هي إلا مجرد إستجابات تلقائية لأحد المحفزات كـ البيئة؛ الأهل؛ الأعلام؛ منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحنا مجرد نواتج ثقافية يتاجر بها ويتكلم بها كـ بديهيات لا أكثر؟ 

في الآونة الأخيرة قد اثار فيلم وثائقي تحت عنوان (ماهي المرأة؟-What is a woman ?) استغراب الناس واوقعهم بحيرة للإجابة عن سؤال ما هي المرأة؟ لم يستطع أي شخص أن يجسد معنى أن تكون امرأة، كان الوصف الذي يتردد على مسامع المشاهد هو؛ أن المرأة هي شخص يحب أن يلبس بشكلٍ جيد وأن يكون جميل وأن يعرف نفسه كـمرأة؛ والبعض الآخر وقف مكتوف الأيدي أمام هذا السؤال البسيط شكلياً والمعقد نفسياً، لا أحد يرى ما هي ذاتية المرأة ولم يستطع حتى العلماء أن يلخصوا المرأة بصفات معينة او بهوامش بسيطة لا تتعلق بالشكل الخارجي والسلوكيات،

فعند القيام بالبحث السريع عن الانوثة نجد أجماع من العلماء التشخيصيين على أن الانوثة هي مجموعة السمات البيولوجية والجسدية عند الفرد، وأنها مجرد مفاهيم جندرية ترتبط بالسيكولوجية الخاصة للشخص المعني بها. ويعتمد دور الجنسين في التنشئة الاجتماعية على النمذجة وتربية الفتيات والنساء بشكل خاص على تعلم واستيعاب ما يطلب منهن اجتماعيًا جنبا إلى جنب مع الصفات والسلوكيات التي تدخل ضمن إطار السلوك الجنسي، على الرغم من أن السمات المرتبطة بالأنوثة تختلف باختلاف المجتمعات والأفراد وتتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل الاجتماعية والثقافية. وكما قد أشارت الكاتبة الشهيرة سيمون دو بوفوار "لا تُولد المرأة امرأة.. وإنّما تُصبح كذلك" . إذ ترى بوفوار أن المرأة تخضع لعملية "تنميط" تكسبها الهوية التي يعرفها بها المجتمع كامرأة، فأن حياتها تتمحور منذ الصغر على دورها المستقبلي كـ أنثى وزوجة وليس كـ ذات مستقلة ذات أهمية وأهداف واعدة. 

وكما قد عمدت عالمة الاجتماع الامريكية مارغريت ميد(Margaret Mead)

 بأحدة دراساتها في المجتمعات البدائية في غينيا نقلًا عن كتابها(الجنس والمزاج في المجتمعات البدائية) على هدم الفكرة القائلة بأن صفات الانوثة هي سمات تتصف بها النساء فقط إذ تباينت سلوكيات كل من الرجال والنساء وأتسمت باللطف والعدائية على حد سواء وأوضحت بأن هذه السمات ليست بيولوجية ولا تولد مع المرأة وانما يتم اكتسابها من البيئة المحيطة بها, حيث تعتبر السمات الانثوية من الامور التي تفرض على المرأة في اغلب الأحيان، لكي يتم قبولها اجتماعيا، وضمها إلى فريق الأناث يكون مشترط بهذه المعايير وبالرؤية الظاهرة لها. لكن لا يزال البعض يرى أن الاناث هن مايظهرن من سلوكيات خارجية، ومن مكتسبات لصفات اجتماعية يحبذها البعض. ويجعل منها إطارًا واضحاً شاملاً يعني به كُل النسوة، وهناك من يروج لهذه الصفات، ويشرع بأنها صفات انثوية فقط وتزيد من طابع الانوثة لدى المرأة، حسب ما نشر في مجلة سيدتي نقلاً عن موقع Goodness. بأن تلك الصفات هي ما يعتبرونه سر قوي وعميق جداً للأنوثة!

ومن اهم السمات التي تفرض على النساء هي المعايير الانثوية, يستوجب على الفتاة منذ مرحلة حيضها الأول إلى فتورها بأن تكون انثى ليس غير ذلك، أن تستعمل انوثتها لوصمها، لتقييض حريتها وسلب ما تبقى من حياتها منها بذريعة النضج، أن تصبح طفولتها خبرًا لكان، وترى بأن الانوثة او النضج هما كلمتان ملتصقتان بالتقيد والخزي لا وسيط بينهما. ان يكونن ذوات ابتسامة رقيقة ومحببة، وحساسات، او جميلات، ونحيفات أو ممتلئة القوام(حسب الرقعة الجغرافية التي تنشأ بها المرأة)، ذوات مشية خجولة ورأس منحني من فرط الانوثة والحياء وأن تهمس بأسمها لا أن تصرح به. قد تم ترسيخ هذه الصفات كـ قاعدة ونهج أساسي متبع في معظم المجتمعات وساهم الانتشار الواسع لهذه الصفات عند الإناث في رفع مصداقية الظن بأن هذه الخصال متجذرة في بيولوجيا الإناث وتشريحهن، سواءً كان ذلك بواسطة التصميم الإلهي أو الانتقاء الطبيعي الدارويني،

ويفرض عليها التصرف بطريقة معينة وان تتكلم بصوت منخفض، وان ترتدي ملابس معينة، وتضع مساحيق التجميل وغيرها من الاشياء المفروضة على المرأة، لكي تكون مصنفة كـ امرأة جميلة. حيث ترتبط سمة الجمال بالانوثة، ويتم قياس الجميلة على وفق تلك المعايير مثل معايير الجمال العالمية ؛ أن يتراوح طولها بين 170-175 وأن تكون لبقة، وذات جمال جذاب، وقياسات جسدية محددة للخصر كما مرفق بشروط ملكات جمال العالم من السبعينات الى التسعينات وحتى الآن، تحت مسمى « Miss World ».

 لقد وجد العديد من الخبراء النفسيين أن مسابقات الجمال يمكن أن تؤدي إلى مجموعة كاملة من المشاكل العقلية بين المشاركات، من بينها فقدان احترام الذات الذي يصل إلى أدنى مستوى، حسب الورقة البحثية التي نشرت بواسطة الجراح التجميلي في جامعة بارك/دكتور ويليام آدامز في عام /2018في مدونته الشخصية.

ولقد نوقش موضوع الأنوثة والمثالية التامة للمرأة والمعايير التي تلاحقها على مدى قرون، فمثلا كتبت فيرجينيا وولف في إحدى مقالاتها: «طوال كل هذه القرون كانت النساء تبحثن عن طرق وأساليب تعكس شخصيتها في عين الرجل.» وترى وولف أن مفهوم الأنوثة قد أثر على الكثير من النساء ودفعهن إلى التخلي عن الكثير من الأمور حيث تقول: «كانت متعاطفة بشكل مكثف، كانت ساحرة، ولم تكن أنانية أبدًا. لقد برعت في فنون الحياة الأسرية حيث ضحت بنفسها يوميا. فإذا كان هناك طبق دجاج تأخذ هي الساق، أما إذا حضرت جلسة عائلية فتأخذ مكانها في الجانب ... باختصار كانت تمانع كل رغباتها الخاصة من أجل التعاطف دائما مع عقول ورغبات الآخرين.»

  سياق تاريخي، الجمال وقولبة النساء

لقد تغير التجميل ومعاييره ومفاهيمه عبر الزمن، فـ لطالما اعتبر الجمال عنصراً جذابًا للتغني به ومدحه منذ أقدم العصور وحتى اليوم، فقد جاء لدى الشعراء في نظرتهم إلى جمال المرأة (التي لا تكاد تختلف فيما بينهم) فكلهم كان ينظر إليها على أنها أنثى قبل كل شيء، وعلى أنها كائن للذة الجسدية لا أكثر. وهي نظرة لا ترفع من مكانة المرأة الجاهلية بقدر ما تحط منها، لأن المرأة ليست جسمًا فقط، ولكنها جسم وروح وعقل ووجدان فتقاسم الرجل الحياة وتعينه في التغلب على تكاليفها.. ولكن من ينظر إلينا بلا رغبة وبمساواة؟

كانت النزعة الجمالية لدى العرب وشعرائهم سابقًا نزعةً حسيةً، وكان اهتمامهم بالجمال الشكلي واضح في شعرهم ونصوصهم الأدبية، من ذلك ما جاء في معلقة امرئ القيس حين وصفَ المرأة وصفاً حسياً:

مُهفهفةٌ بـيضـاءُ غيرُ مُفاضـةٍ           تَرائبُها مصقـولةٌ كالـسَّجَنجَلِ

وكما تلاه عمرو بن كلثوم بطريقة تغزله بالنسوة حيث قال:

بِكْـرٍ تربّعتِ الأجارِعَ والْمُتونـا وثَدْياً مثلَ حُقِّ العاج رَخْصاً حَصَاناً من أَكُفِّ اللاّمِسينا

ومتني لدنةٍ سَمَقتْ وطالتْ روادِفُها تنُوءُ بْمَا ولِينــا 

ومأْكَمَةً يضيق البابُ عنهـا وكشْحاً قد جُنِنْتُ به جُنونا

فلم يلتفت أحد منهم إلى حُسن تدبيرها، ولا إلى كرم أمومتها. ذلك غائب عن المرأة في المعلقات. 

 أنهم يكادون يتفقون على وصف أعضاء من جسمها دون أعضاء أخرى، فنجدهم يركزون على وصف الثغر، والأسنان، والصدر، والعنق، والشعر، والقامة، والساقين. أنهم كانوا يؤثرون القامة الطويلة، والخلقة الضخمة. والشعر الفاحم الطويل، والساقين الممْتلئتين. وهي أوصاف يحبها البدو لا أهل الحضارة الرقيقة. وغالبًا ما وجدناهم يكررون ما جاء عند امرئ القيس ويتغنون بتلك المواصفات الحسنة ليصنعوا الانوثة المثالية كما يرونها هم مما جعل الناس يسعون إليها بالوسائل كافة كلٌ بحسب مقومات عصره. وكثيرا ما قرأنا عن الاهتمام بالجمال من أيام كليوباترا وغيرها من ملكات اشتهرن بجمالهن وطقوسهن في الاهتمام به وعنايتهن الفائقة لهذا الجمال ومحاولة تخليده او السعي من أجل تذكرها بالحُسن والغنج والأنوثة الطاغية..نعم هذا السعي من أجل الكمال أن أستطعنا الجزم بذلك.

ومع بداية الألفية الجديدة أصبحت عمليات التجميل منتشرة بشكل واسع بين الناس حول العالم، وأصبح كثيرون منهم يُجرون العمليات لغرض التجميل أو التشبه بالفنانين والمشاهير، كما ساهم تطور وسائل التواصل الاجتماعي في فرض ثقافة عمليات التجميل بشكل كبير بين المجتمعات، حتى أصبحت هوساً لدى كثيرين.

قُدر على الجيل الجديد بأن يسمع هذه المصطلحات والتغنيات بالكمال والمثالية المطلقة من ماسبقهم به ذويهم، بيضاء لامعة، مصقولة الجسد، رفيعة الأنف، مثيرة القوام.

حينما يتعلق الأمر بالمرأة، نجد أبتذالاً كبير ضمنيًا في مدح الجمال والكمال، وعليه اصبح الجمال نهج أقرته النظم الثقافي ورسخته في عقول العوام، ومن تحاول مواجهة هذا التيار قد تتلقى كرهًا وامتعاض او استنقاصًا ملحوظ لكيانها الذي حاولوا دفنه بغيةً تدجينها مع بقية القطيع الذي أنساق لتلك الأوامر. وكيف لجيلٍ كهذا أن ينشئ اذاً؟ راسمًا لمواصفات شريكة أحلامه كالؤلؤة، وفتاة متخيلةً نفسها بأبهى طلة على الدوم وأخذةً للأنفاس، قائمة على توقعات الآخرين ومهيئة لأن تكون شخصًا غريبًا تماماً يسكن في شكلٍ وجسد بناه له المجتمع.

وقد حللت بيتي فريدان/ Betty Friedanفي كتابها الصادر تحت عنوان الغموض الأنثوي موضوع الانوثة ومعاييرها حيث قالت:

"المرأة لا تُعتبر أنثى إذا لم تلتزم بهذه المعايير المجتمعية والأعراف، جوهر المشكلة بالنسبة للمرأة اليوم ليس المشكلة الجنسية بل مشكلة الهوية ".

 

التوجهات التي يجب على النساء إلالتزام بها ؛

 في مقابلة مع جراح التجميل اللبناني إبراهيم الأشقر يذكر ان أكثر من يخضعون لعمليات التجميل ليسوا من أصحاب التشوهات وإن حوالى 70 في المئة يحتاجون إلى هذه العمليات بسبب عدم تناسق في الوجه و20 في المئة وجههم جيد لكن يريدون تحسينه أكثر. ويعتبر أن التجميل مهم كونه يعطي ثقة بالنفس، وبحسب ملاحظته فإن التلاميذ الذين يجرون عمليات للأنف يصبحون اجتماعيين أكثر ومتفاعلين مع أصدقائهم ويتفوقون في الدراسة. فلكل شخص أسبابه التي تتعلق غالباً بشأن صحي أو نفسي.

وبغض النظر عن كون القطاع التجميلي قطاع رأس مالي ذكوري يحول شعورنا بعدم الأمان النفسي مع اشكالنا وأجسادنا، إلى أموال لأجراء عملية جراحية لمشكلة غير موجودة إلا في أذهاننا. وبحكم ما نراه بمحيطنا من أشكالٍ متشابهة الجمال ومتناسقة، وبما نسمع عن جارتنا، وعن أقاربنا التي شفطت الدهون وحقنت البوتوكس وعادت كأنها بنت العشرين عاماً، أما الفقيرات منهن فلا يسلمن ايضًا من هذا السياق! أرتبطت مواصفات الجمال لديهن بعدة معايير وعدة طرق للوصول إليها. فعلى سبيل المثال يشتهرن النساء الصحراويات في المغرب بتناولهن لكميات وفيرة من الألبان الطرية والتي غالبًا مايكون مصدرها الأبل او البقر وتناول لحومها بشكل متكرر ويرمز هذا التقليد للدلالة على حسن المرأة وثرائها والرخاء الذي تعيش فيه عند ذويها مما قد يحسن فرص أرتباطها بالزوج الأنسب. وتنتشر مثل هذه الظاهرة كثيرًا في موريتانيا وتبدأ في سن مبكرة من عام إلى ستة أعوام وتتناول فيه البنت ما يقارب خمسة ليترات من لبن الأبل او البقر ويقدم لهن وجبات من الأرز الممزوج بالدسم والنشأ منذ الصباح إلى المساء مع تناول اللحوم في الأوقات مابينها ويعتبر تسمين الفتيات القسري هذا بمثابة تقليد موروث حيث أن 60% من النساء الموريتانيات أكدن بأنهن يحبذن السمنة وبأنها مفيدة لهن ويعتبرن النحافة ظاهرة سيئة وعيبًا يلحق بالنساء، ويعتقد الرجال الموريتانيون أن ترك البنات نحيفات دون تسمين يجلب العار والذل للأسرة، اضافةً إلى أتهامهم بالتقصير والبخل. وبما لا نجهله ايضاً وما تعرضه علينا شاشات التلفاز ومواقع التواصل،  لكي تزعزع قناعاتنا بما نملك ولكي نبحث عما يراد لنا من قبل الآخرين، ونرى أنفسنا بذات المعيار الذي يحددوننا به وتكون انوثتنا معلبةً بالشكل الخارجي وبما يوحي قوامنا ولباسنا فقط.

ومن الجدير بالذكر بأن الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول التي أجريت فيها عمليات التجميل وعمليات الصدر هي الأكثر انتشارا، والتكاليف في الولايات المتحدة بحدود 4 آلاف دولار أمريكي.  وخلال آخر عقدين من الزمان، زاد الاهتمام العالمي بجراحة التجميل لأهداف مختلفة، ففي عام 2018 وحده تم أكثر من 23 مليوناً و600 ألف عملية تدخل تجميل في العالم، من بينها نحو 10 ملايين و400 ألف عملية تجميل جراحية، حسب آخر إحصائية أصدرتها الجمعية العالمية لجراحة التجميل (ISAPS) في عام 2018.

وبجانب الهدف الأساسي الذي بُني عليه علم التجميل في أصله منذ آلاف السنين، وهو إجراء عمليات ترميمية ضرورية، تقتصر على إصلاح الأجزاء التالفة من جسم الإنسان وترقيعها كي تعود إلى حالتها الطبيعية قدر الإمكان، تبين أن كثيراً من هذه العمليات أُجري لغرض التجميل ومواكبة الموضة فقط، أو للتشبه بشخص مشهور، أو لمجرد أن عمليات التجميل انتشرت بشكل واسع وأصبحت في متناول أغلب الناس، على الرغم من فشلها في كثير من الأحيان. وتتضارب الأعداد والنسب في اغلب بلدان الشرق الأوسط وبتباين ملحوظ في الدول التي تحظى برقابة صحية. إما العراق فـ أننا نتجه نحو المجهول، وفيات من النساء في مقتبل الأعمار نتيجة لخطأ جراحي او لهفوة طبية من غير ذكر لتفاصيل ما يحدث مع المريض ويتم تضليلها من قبل الجهات المعنية ولكن لا شيء فعلاً يذكر غير أن هذا مايحدث جراء ما يفرضه المجتمع عن الصورة المثالية أو لتقليد شخصٍ أخر وأرضاء لصورته الجندرية التي تعرضت لأقصاء بسبب طبيعتها غير المثالية، وهذه هي إشكالية الجسد حين يصبح مصيدة تنميط بين الطبيعة والمجتمع وأن يصبح الجسد جوهرًا كلي والذات مجرد مظهر يخلو من أي مكانةً او تقدير.













المعايير الانثوية وتنميط النساء في العراق:

 

من خلال مقابلات مباشرة مع أربعة نساء من عدة محافظات ، تم انتقائهن بشكل متباين على حسب اختلاف الموقع الجغرافي والوضع الاقتصادي مع ذكر القاسم المشترك بينهن جميعًا وهو التداخل الجراحي ورغبة تحسين المظهر الخارجي وهن من(بغداد، نينوى، أربيل، النجف) ومع طبيب اختصاص امراض جلدية تأكد أن العديد من النساء في العراق يخضعن إلى معايير انثوية صارمة تولد توجه قد يكون واعي أو غير واعي لديهن لتماهي مع هذه المعايير ومسايرتها، ولتحقيق التوازن النفسي أتجاه ذواتهنَّ، الذي سييجعل منهن أكثر مقبولية في المجتمع، هذا ما أكدته أحد المتقابلات من بغداد في سياق حديثها:

"عندما وصلنا إلى عصر الصور والسناب شات والفلاتر، تزايد شعوري بالضيق من أنفي أكثر من سابق عهده وبأن هذا الأنف غير متناسق مع كامل وجهي من الأساس، وقد كانت تضاف لي تعليقات من أصدقائي بأنه يجب عليّ القيام بتعديل لأنفي مع قولهم لي بأنني جميلة ولكن سأصبح أجمل عندما أقوم بنحته وتجميل شكله".

اكدت المتقابلة مراراً اثناء حديثها انه كان لديها دافع شخصي وهو شعورها بعدم الارتياح من شكل أنفها وبأنه لا يبدو متناسب مع بقية ملامحها وتأكيداً لهذا الشعور قد واجهت ما يشبه الضغط من محيطها واصدقائها على تغيير هذا الجزء الذي لا ينتمي لها ومما يزيد الأمور تشابكاً هو أنها قد تأثرت بشكل شخصي بما هو سائد او بما يسمى"ترند" من خلال مواقع التواصل التي عززت لديها الشعور بأنها جميلة ولكن ليس بالشكل اللازم والمألوف لأنثى بعصرها.

وكما قد رددت المتقابلة بأن النساء قد يقمن بأجراء عمليات كثيرة التعقيد من أجل أن يصلن للشكل "الفنتازي" الذي يحلمن به. وقد صرحت بأن كلفة العملية كانت قد تجاوزت ال983 دولار. وقد توضح هذه الأسعار الهائلة للقارئ بأن هذه العمليات ربما لا تتعدى عن كونها ظاهرة أخرى منتشرة بين ذوات الطبقة المخملية(المتمكنات اقتصاديًا) والنساء من أصحاب الدخل المحدود لا يمكنهن القيام بها او حتى التفكير بشأنها.  إلا أن هنالك دول قد قامت مسبقًا بدعم قطاع التجميل عن طريق توفير منح وقروض لشركات ناشئة للحصول على سيولة كافية للمواطنين لإجراء العمليات والجراحات التجميلية مثل لبنان وفرنسا وإيطاليا وأميركا وبريطانيا إلا أن متحدثتنا كانت قادرة على تحمل هذه الكلفة. وتشرح بأن رغم تداعيات عمليتها الجراحية إلا إنها الأن قد وصلت إلى غايتها، واصبح شكل الانف مطابقاً للمعايير الانثوية ال"ترند"، ويبدو ان هذا التماهي لن يتوقف عند هذا الحد لأنها تنوي ان تجري عمليات تجميل لمناطق أخرى في جسدها : "لقد وصلت إلى مرحلة جيدة من الرضا والاقتناع الذاتي حالياً بنتيجة العملية وقد تحسنت نفسيتي كثيراً عند قيامي بالتصوير وحتى عند النظر في وجهي بشكلٍ عام وأنني أنوي مستقبلاً القيام بعملية نحت خصر على الرغم من أنني بغير حاجة لها  وذلك لأن اجراءاتها سريعة  ويمكن اعتمادها بدلاً عن ممارسة التمارين الرياضية وانتظار النتائج التي قد تكون بعيدة الأمد" وهذا الطريق قد اصبح الطريق المختصر لمعظم الشباب للجوء إلى مثل هذه الإجراءات بحثاً عن طرقٍ سهلة ونتائج فورية ومرضية حتى وأن كانت خطرة او مكلفة.

   

وفي مقابلة مع احدى النساء من أربيل التي ابتدأت مقابلتنا بكلام مُحبب عن نفسها وعن كيفية كونها مقتنعة بجمالها الطبيعي وبوزنها الذي أضاف لها طابعاً مميز وكيف أنها اعتادت على أن تقف أمام المرآة وهي تحدث نفسها عن الجمال الهائل الذي تحمله والذي وحدها تعرف ماهيته وأنها تتغزل بنفسها كلما رأت انعكاسها بتلك المرآة. الا ان تجربتها مع علميات التجميل غيرت كل تلك الاحاسيس عن ذاتها وعن جسدها: "أعرف بأني شخص جميل، وبشكلٍ عام أنا شخص راضٍ عن جسمه جداً والسمنة لم تكن تؤثر عليّ لا نفسياً ولا صحياً ولا شكلياً.... انا شخص لو رأي نفسه بالمرآة يعاكس نفسه ويغازلها فوراً! وكُل من حولي كان يتفاجئ بالثقة النفسية والحب الذي أحمله اتجاه نفسي. ثم تكمل؛ في أحد الايام كنت أجري محادثة مع أحدى صديقاتي عن قيام الناس بأجراء عمليات تنحيف وقص معدة وعن مدة خطورة مثل هكذا اجراء وقلت لها: اين حب النفس في القيام بمثل تلك العملية؟ لكن صديقتي اقترحت عليّ أن أتكلم مع طبيب فقط لعمل استشارة، وذهبت لكن نتيجة الإلحاح، وانتهى بيّ المطاف محاطة بضغط كبير من أصدقائي ومناوشات عن أسباب تلكئي بالقيام بالعملية إلى الأن!"

ورغم كلام المتقابلة إلى أنها قالت بشكل خاص: "لم يجبرني أحد على القيام بالعملية لكن كان شعور جماعي مثل قيام الصديقات بالذهاب معاً للتسوق وقضاء الوقت، نحن ثلاثة صديقات نعاني من الوزن الزائد وأردنا أن نقوم بتغيير في حياتنا وعند انتهائي من العملية قامت صديقتي بأجرائها بعد عشرة أيام، والأخرة أجرتها بعدها بأسبوع".

بينت المتقابلة بأنها ترددت مرتين قبل الدخول لصالة العمليات وصادف بأنه لم يكن في متناول يدها المبلغ المادي المقدر عليها دفعه لمثل هكذا اجراء إلا أن صديقاتها قامن بجمع المبلغ لها والإصرار عليها لأخذه والقيام بالعملية بدون افتعالها لأي حجج واهية لعدم عمل العملية.

وكان جواب المتقابلة عن مدى رضاها النفسي على شكلها الحالي والنتيجة فقالت: "أنني لازلت أشعر بالانزعاج بسبب نزول الوزن، دخلت صراعاً نفسياً مع ذاتي اتسائل في داخلي (لماذا فعلت هكذا بنفسي؟) وزني لم يكن يحتاج إلى كُل هذا! لقد كنت نشطة، جميلة، سليمة صحياً وجسدياً. لماذا سمحت لنفسي بأن أعاني وأبذل مدخولي المادي من أجل هذا؟

مع العلم بأنني لازلت أعاني عندما أرى نفسي بالمرآة دون ملامحي المعتادة، الوجه الممتلئ الذي أعتدت عليه، وأشعر بخيبة كبيرة من ناحية ومن ناحية أخرى أرى بأنني أصبحت قادرة على المشي لمسافة طويلة بعد أن كنت لا أستطيع أن امشي طابقاً واحداً دون أن ألتقط أنفاسي".

وعندما طُرح على المتقابلة سؤال بأنها ستقوم بإجراء أي عمليات جراحية أخرى مستقبلاً؟ أجابت:

"قد حدثت مضاعفات بعد قيامي بالعملية الأولى لذلك يتوجب عليّ القيام بعملية أخرى لشد الترهلات الناتجة عن خسارة الوزن ولكنني سأتجنب القيام بعمليات أخرى سوى شد الصدر وسأتعايش مع جسدي كما هو".

 

وايضاً تكلمنا مع المتقابلة الأخرى التي كانت من محافظة النجف وسألناها عن أسباب قيامها بمثل هذه العملية التي كانت قد سببت لها إجهاد نفسي كبير، اثر على مجمل حياتها وفرصها في الحياة إلى الأن، وهي في مقتبل عمرها وبما لا يختلف عليه أثنين، كانت أجابتها واضحة وشاملة:

"أنني من مدينة مُرة الطباع، يريدوننا أن نكون كاملات مُكملات. حتى وأن لم يكن فينا أي نقوص، البدينة يجب عليها أن تنحف، والنحيلة يجب عليها أن تمتلئ بشكل كافٍ ليزيد من جمالها وأنوثتها، أن تكون رشيقة، بيضاء، ذات شعر منسدل وطويل. ليس انتقاصاً لنفسي ولكني لم أشعر بأنني مثل باقِ البنات حولي! لم أستطع أن ارتدي الجينز من دون أن أسمع ما يعيبني من الكلام، لقد كان صعب عليّ جداً بأن ارتدي التيشرت بدون أن يكلموني عن تقاسيم جسمي الظاهرة وكيف أنه يتوجب عليّ ارتداء ملابس فضفاضة لا تليق بعمري ولا بجيلي، لقد حرمت نفسي من الخروج والتمتع بالحياة، لم أعتد على أن أرى نفسي بشكل كافِ، لطالما رددوا عليّ هذه الكلمات(عندما تتزوجين هل ستجدين ثوباً يلائم هذا القياس؟ومن سيتزوج بك وأنت هكذا؟ أنحفي قليلاً وستكونين أجمل بكثير) لم أهتم للزواج ولا لغيره ولكن هذا الكلام بقى يرن في رأسي وبدأت التفكير بالقيام بعملية قص المعدة في عام 2019 وقد أكملت الإجراءات والتكاليف جميعها في عام 2022. كان وزني 127kg إما الأن بعد ثلاثة أشهر من قيامي بالعملية قد أصبح وزني 93kg وأنا جداً راضية بهذه النتيجة ومتفائلة بها".

وقد شددت على قولها "لقد كنت شخص ، وأصبحت شخصاً أخر كلياً!

ولا أنكر بأنني عرضت نفسي للوم عند حدوث مضاعفات العملية لي، إلا أن هناك شيئاً من الطبطبة عندما أرى نفسي بالمرآة، أشعر بأني أقتربت من ما كنت أتمنى أن اصير! ولقد ساعدني طبيبي بقوله لي بأنني سأصبح أجمل بكثير وستكون النتائج أفضل مما نتوقع حتى ولن أضطر لسماع كلام الأخرين عني او عن جسدي الذي شكل عبئاً على شبابي، كُل ما اريده هو أن أكون جميلة وابدو بصورة لائقة ليس إلا".

كلفة العملية كانت صعبة على المتقابلة وذلك لكونها لم تكمل دراستها او تعمل وتطلب منها وقت كبير لجمع ما يعادل المليون ونصف دولار وذلك لأنها كانت تعاني ايضاً من مشاكل صحية أخرى وعائلتها من ذوي الدخل المادي المحدود، حرمت نفسها من بعض احتياجاتها الاساسية من أجل أن توفر ما تراه حاجةً أسمى لها.

 

وهنا نستطيع الجزم بأن المجتمع والأطباء المتخصصون بالجراحات التجميلية على حد سواء هم المستفيدون الأكثر من هذه العمليات التي تدر على فاعليها بالأموال والمكانة المرموقة والصيت الذائع تمجيداً بقيامهم بما يسمى (رتوش وترقيعات) على أجساد النساء بشكلٍ خاص وقيامهم بنصب فخ يتكون من القياسات التي تلائم ولا تلائم ذلك الجسد وعن كيفية المحافظة على شبابنا الدائم بقص هذا الجزء وإضافة الجزء ذاك لتكوني نسخة أفضل من نفسك.

وفي مقابلة مع فتاة أخرى من أربيل قالت" لقد كنت بحاجة إلى القيام بعملية لأنفي وذلك لأنني أعاني من الجيوب الأنفية ولدي صعوبة في التنفس وقد كان اصدقائي يتنمرون على صوتي وشكل أنفي فقمت بأجراء العملية ولكن الأن أشعر بأن الجيوب الأنفية لا تزال تضايقني وبعض الأشخاص المقربين لي قد قالوا بأن انفي كان أجمل قبل العملية وكان يمكن لي أن أقوم بمعالجة الجيوب الأنفية فقط دون قيامي بتغيير تام في شكله".

وعندما سئلنا الدكتور عدي المختص بالجلدية في مستشفى حردان الأهلي-سنجار عن أسباب انتشار العمليات التجميلية في الآونة الأخيرة ومن هي الفئة التي تقوم بعمليات اكثر؟

كانت الإجابة:

-"الأكيد هو أن زيادة عمليات التجميل يعتبر لأسباب كثيرة وغير معروفة ومن المتعارف عليه بأن اكثر من يجرون عمليات التجميل هن النساء على الخصوص".

والسؤال الذي يطرح نفسه الأن ولم يتطرق الدكتور للأجابة عنه، هل تحول القطاع الطبي إلى عمل تجاري ربحي يستفد المتنفذون عليه من الضعف النفسي لمرضاهم؟ أكان من الممكن أن يستبدل الاجراء الجراحي لمراجعته بأن يقترح عليها ان تبحث عن دعم طبي نفسي يعزز ثقتها بنفسها ويساعدها على رؤية جمالها الداخلي قبل الظاهر منها؟ تستمر هذه التساؤلات ويستمر أهمال البحث عن أجوبتها إلى الأن على أمل أن نلاحظ ما بين السطور ونخرج بإجابة كافية. 

 

ولكي نضع النقاط على الحروف يجب  أن نرى الصورة الأكبر لجميع هذه الأسباب التي قد تبدو للبعض غير منطقية وقد تكون للبعض الآخر مسئلة قناعات فقط وتندرج ضمن الحريات الشخصية. من جانب تحليلي نفسي فأن غالباً ما يكون الأشخاص الذين يريدون التناسب مع المحيطين بهم والتكيف مع مستجدات الموضة حتى لو كان هذا التأقلم على حساب أنفسهم، هم أشخاص فاقدين لذواتهم ويبحثون عن القبول الاجتماعي وقد يكون ذلك بسبب العبارات التي يسمعها هؤلاء الأشخاص مراتٍ كثيرة من صديقٍ ناقد او معلم او حتى شريك حياة، فتكون آلية في دماغه دون أن يعي. وذلك لأن العقل اللاواعي حسب ما أعطاه فرويد تفسير، بأنه يمهد الطريق أمام ألافعال المستقبلية أو بعبارة أخرى؛ يعمل العقل على نحو واعٍ وغير واعٍ في ذأت الأوان. ولأن مثل هذه التنبؤات عن رؤية النفس بالصورة المثالية وبالمعيار الفلاني لا يتعلق فقط بالعالم الخارجي ولكن ايضاً بالبيئة الداخلية للجسد، حيث تتم برمجة العقل الباطن منذ الصغر بما يناسب جنس الفرد وبما يحدده المجتمع، من ستكون الأجمل أو الأطول او الإرشق. أن تكون حياة المرأة وكأنها في حلبة سباق أو منافسة مع قرينتها من النساء، وأن يحدد المجتمع أو الرجل من هي الفائزة بلقب الأنثى، من ستكون الحاوية على كُل سمات الجمال ستربح الأسم الذي قدر لها أن تحمله بكُل الأحوال، ولكن وحده المجتمع قادر على سلبه إياها متى شاء، أن خالفت المألوف والمتفق عليه من الجميع، أن تكون المجتمعات قائمة على صنع فجوة بين النساء عن طريق تكليلهن بمعايير سطحية وظاهرية تقوم بتقسيمهن إلى مجاميع مختلفة، البيضاء، والسمراء، والجميلة، والفائقة الجمال، أن تطمح واحدة بأن تحل مكان الأخرة، حيث تتولد بين تلك المجاميع صراعات داخلية وغيرة من فتاة مثلها دون اسبابٍ حقيقية تذكر، أن يكون هذا الأختلاف الطفيف بين الوان البشرة وقياسات الجسم قادرة على صنع فوارق عديدة بين الاختين حتى وأن يتسبب في نشوب شجار.

أنها ما تسمى بـ (ظاهرة العقل الجمعي)

أن تنصاع لما حولك وتفقد ذاتيتك محاولاً إيجادها في الأخرين، في رؤياهم لما هو مناسبٌ لك وبما هو عكس ذلك، باحثاً عن المؤشرات والقرارات الصائبة في الشخص الخطأ، لكي يكون محبوبًا أو مرغوبًا ولكي يتقبله العامة دون أن يدرك بأنه منصاعٌ لهم، فـ كيف من المفترض أن يتحكم الفرد في شيء بينما لا يعرف حتى متى وكيف أثر فيه؟

أن معايير الأنوثة لازالت مرتبطة باسم المرأة وبتعريفها مما يجعل الانوثة بشكل عام آفة فتاكة لم يستطع الغرب المتقدم أن يتخلص منها او يتفق على تحديد ماهيتها حتى ومايزال الصراع المهني قائم لتعريفها. فما بالك ببلدان الشرق الأوسط والقرى والمدن الريفية التي لا تزال النساء فيها تعمل وتحرث ويطالب منها رغم ذلك أن تكون انثى وأن تحافظ على مفهوم الانوثة المتعارف عليه في بيئتها الناشئة وأن تحقق غايتها بهذه الحياة، ليصبح الجمال الطبيعي والاصطناعي مضاف إلى السمات الشخصية ومطالب به رغماً عنها.

وفي سياق البحث عن الأنوثة ومكنوناتها، أضاعت المرأة نفسها وهويتها من آجل تلبية تطلعات الآخرين إلى ان أصبحت لا تفرق بين ما تريد وما يراد منها، فاقدةً لكُل رغباتها الحقيقية بذاتها وصانعةً لأنعكاس اخر لشخص غريب قدر له بأن يكون عالقاً بمعايير غير ثابتة وغير قابلة للقياس. وكما قد كتبت دوروثي باركر في كتابها الصادر بعنوان(المرأة الحديثة:جنس ضائع):

" أعتقد أنه يجب اعتبارنا جميعًا بشرًا، نساءً ورجال، مهما كنا، وأن تتخلى المرأة عن مفهوم الانوثة الأزلي وأن لا تبدد كـ جوهر يحدد بالشكل".







رابط دائمhttp://nazra.org/node/739