أطلقت كل من نظرة للدراسات النسوية ومركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ومؤسسة قضايا المرأة المصرية ومؤسسة المرأة الجديدة حملة "بتحصل"، كجزء من حملة ال16 يوم العالمية لمناهضة العنف ضد النساء، خلال الفترة من 25 نوفمبر وحتى 10 ديسمبر 2016. حاولت حملة "بتحصل" تسليط الضوء على عدة جوانب تتعلق بجريمة الاغتصاب في المجالين العام والخاص، مثل الآثار النفسية التي تعاني منها الناجيات من الاغتصاب وإشكاليات المنظومة الطبية والخدمات المقدمة لهن، وقصور التعريفات القانونية. قامت الحملة بنشر مقاطع مصورة، وإنفوجرافس، وأوراق بحثية، وإقامة عروض حكي، وعرض أفلام. حاولت الحملة العمل على كسر التواطؤ المجتمعي والمؤسسي الذي يسود التعامل مع هذه القضية والمساهمة في إنهاء التطبيع مع هذه الجريمة والسكوت عنها.
تزامن إطلاق هذه الحملة مع بعض التطورات التي تهدد عمل المجموعات والمنظمات النسوية والتي تشمل قرارات المنع من السفر والتحفظ على الأموال وصدور أوامر ضبط وإحضار، فتم ضبط وإحضار المحامية عزة سليمان رئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية بأمر من قاضي التحقيقات في القضية 173 يوم الأربعاء 7 ديسمبر 2016 وإرسال قوة إلى منزلها لإصطحابها إلى قسم مصر الجديدة ثم محكمة القاهرة الجديدة، وذلك في تصعيد مقلق ضد المدافعات عن حقوق الإنسان خاصة إنه لم يتم إستدعاء أ.عزة سليمان أو توجيه أي تهم رسمية لها قبل اتخاذ هذا الإجراء، وخلال هذا التحقيق تم توجيه ثلاثة اتهامات لها وهي: الحصول على أموال من الخارج بقصد الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، وتكوين كيان يمارس نشاط يشبه نشاط الجمعيات.
والتهرب الضريبي وهو ما يؤكد استمرار محاولات التضييق على منظمات المجتمع المدني والعاملين\ات به ومعاقتبهم على عملهم، وكان قد تم منع أ.عزة سليمان يوم 19 نوفمبر 2016 ثم التحفظ على حسابها البنكي وحساب شركة المحاماة الخاصة بها يوم 20 نوفمبر 2016، وتم بعدها منع الدكتورة عايدة سيف الدولة من السفر يوم 23 نوفمبر 2016 وهي إحدى مؤسسات مركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف والتعذيب والذي صدر قرار إداري من وزارة الصحة بغلقه يوم 18 فبراير 2016. وكان قدتم منع مزن حسن مؤسسة ومديرة نظرة للدراسات النسوية من السفر يوم 27 يونيو 2016. وأتى ذلك كله في سياق موافقة مجلس النواب على قانون الجمعيات الأهلية والذي يقيد عمل منظمات المجتمع المدني بدرجة كبيرة.وبالرغم من إطلاق هذه المنظمات لحملة "بتحصل" في ظل ظروف معادية لعملهم، إيمانا بدورهم في مناهضة العنف ضد النساء وطرح هذه القضايا بشكل مستمر للحوار المجتمعي.
وفي إطار حملة "بتحصل" نتقدم ببعض التوصيات التي من شأنها مناهضة جريمة الاغتصاب:
أولا: تعديلات تشريعية وسياسات
- تعديل المواد الخاصة بالاغتصاب في قانون العقوبات المصري، فالمادة 267 تحصر تعريف الاغتصاب في إيلاج العضو الذكري في مهبل الأنثى، وهو تعريف شديد القصور ويغفل الكثير من أنواع الاغتصاب مثل الاغتصاب الشرجي والفموي وبالأصابع والآلات الحادة والتي يتم تصنيفها غالبا ك"هتك عرض" طبقا للمادة 268، ليشمل تعريف الاغتصاب بكل أشكاله وعدم تحديد نوع المجني عليهم كنساء فقط.
- تعديل القانون ليسمح بالإجهاض الآمن للمغتصبات.
- إصدار قانون لمناهضة العنف الأسري ويشمل تجريم الاغتصاب الزوجي.
- توحيد النصوص القانونية الخاصة بجرائم العنف الجنسي في باب واحد، وتحديداً الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، وأن تكون تحت عنوان "جرائم العنف الجنسي" بدلاً من "هتك الأعراض".
- تقليص صلاحيات القضاة فى استخدام المادة 17 من قانون العقوبات فى جرائم الاغتصاب، والتى تتيح للجانى الهروب من العقوبة، حيث أنها تسمح للقضاة باستخدام الرأفة لتخفيف العقوبة في مواد الجنايات وكثيرا ما يتم استخدامها في جرائم العنف الأسري والعنف ضد النساء عموما.
- إدماج ثقافة الصحة الجنسية في المناهج التعليمية للمراحل المختلفة.
- وجود اتفاقية لمناهضة العنف القائم على النوع فى أماكن العمل والذى يشمل الاغتصاب طبقاً للاتفاقيات الدولية والضامنة لحقوق النساء العاملات.
ثانيا: الخدمات المقدمة للناجيات
- توافر الحقيبة الخاصة للتعامل مع الناجيات/الضحايا طبيا وحفظ الأدلة (rape kits) في المستشفيات العامة والخاصة ويشمل ذلك وسائل منع الحمل الطارئة والحماية من العدوى المنقولة جنسيا.
- تدريب الأطباء على التعامل مع المغتصبات ويمكن تفعيل ذلك عبر استكمال التدريبات التي قامت بها وزارة الصحة وصندوق الأمم المتحدة للسكان على "الدليل الإرشادي للتعامل مع الضحايا/الناجيات من العنف" ومراقبة وتقييم أداء الأطباء والطبيبات الذين تلقوا التدريب، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف.
- تفعيل وحدة مكافحة العنف بالطب الشرعي والتي يجب أن تعمل على مدار الساعة لتسهيل لجوء الناجيات/الضحايا من الاغتصاب والعنف عموما في أي وقت وضمان حفظ الأدلة.
- تفعيل نظام إحالة فعال بحيث يتم إحالة الناجية من الاغتصاب إلى أماكن تقديم الخدمة المختلفة التي تحتاجها الناجية: البيوت الآمنة، االمستشفيات، الطب الشرعي، أماكن تقديم الدعم النفسي أو/و القانوني.
ثالثا: الحفاظ على خصوصية الناجيات من الاغتصاب
- تجهيز أقسام الشرطة والمستشفيات ومصلحة الطب الشرعي بغرف خاصة للناجيات من العنف لضمان الخصوصية
الحفاظ على سرية البيانات وخصوصية الناجيات خلال جميع خطوات التقاضي: محضر الشرطة-تحقيقات النيابة-انعقاد المحاكمة.
- عدم نشر تفاصيل التحقيقات السرية الخاصة بجرائم الاغتصاب والعنف.
رابعا: منظمات المجتمع المدني
- وقف استهداف النشطاء في منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية وإتاحة المساحات التي ينص عليها الدستور لعملهم، ويشمل ذلك الحق في تكوين جمعيات ومؤسسات أهلية بالإخطار، وأن يكون لجمعيتها العمومية دون سواها تحديد سياسات ولوائح العمل وكذلك الأنشطة المحلية والإقليمية والدولية دون تدخلات من الجهات الإدارية وهو ما تكفله المادة 75 من الدستور المصري والمادة 65 التي تكفل حرية الفكر والتعبير، وتعززه المواثيق الدولية التي تعد مصر طرفا فيها مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية في المادة 22.
- التراجع عن قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي وافق عليه مجلس النواب مؤخرا والذي يحمل تحديات وتضييقات غير مسبوقة على العمل الأهلي في مصر، لإتاحة الفرصة لحوار جاد حول دور المجتمع المدني وإصدار قانون يسمح له بممارسة هذا الدور بدلا من عرقلته.