إنه ليس سراً أن الكثير من نساء مصر يتعرضن لأبشع أشكال العنف في المجال الخاص، ويشمل ذلك وليس على الحصر الاغتصاب الزوجي واغتصاب المحارم والاتجار بالطفلات ورفع دعاوي الطاعة القضائية على النساء والتعنت في حصولهن على الطلاق. وبالنسبة للنساء اللاتي تواجهن هذا العنف والتعنت والظلم والقمع الأبوي الذي يواجهونه من قبل عائلاتهن وأزواجهن والمجتمعات المحيطة بهن، المحامية والناشطة النسوية عزة سليمان كانت دائما، ولا تزال، النور الذي يضيء النفق المظلم في آفاقهن.
عزة سليمان ليست محامية عادية، هي إنسانة تؤمن بحقوق النساء وأخذت على عاتقها مهمة تحرير النساء في مصر، بل والعالم العربي أيضاً، من عنف الرجال تجاههن في المجال الخاص ومساعدتهن على الحصول على حقهن الأصيل في الطلاق. ولا تخشى أو تخجل سليمان أن تفعل ذلك في مواجهة "أتخن تخين"، ودائما تتحدث "زي الرصاص" في وجه كل الآباء والأزواج والرجال الذين يمارسن العنف ضد النساء، وابتسامة انتصارها عليهم مرتسمة على وجهها.
ولم تكتفي سليمان عن الدفاع عن آلاف النساء المعنفات من خلال عملها كمحامية وحسب، بل طرقت أبواب "رجال الدين" بشكل دؤوب وكونت علاقات تحلى بالاحترام والثقة معهم على مدار سنين للعمل على تغيير قانون الأحوال الشخصية ومعايير الطلاق وطرح قانون مدني للزواج والطلاق في مصر. ويكن هؤلاء "رجال الدين" كل الاحترام والتقدير لها نظراً لعامل الإنصاف الذي يتغلل فكرها بالإضافة إلى علمها القوي في أمور الشريعة والتفاسير الدينية.
كما قامت سليمان بتحويل تجربة مريرة خاضتها في 2015 إلى قضية قومية، وكالعادة، أطلقت عنان معاناتها الشخصية لتفكر في معاناة الجميع حين تم تحويلها من شاهدة إلى متهمة في مقتل الناشطة السياسية والعمالية شيماء الصباغ في يناير 2015، من خلال طرح ومناقشة مبادرة لحماية الشهود والمبلغين.
وبالرغم من القبح الذي تراه سليمان كل يوم في الظلم المرتسم على وجوه النساء وعملها الدائم في محاكم قضائية تتسم بأقل ما يوصف عنها بالأبوية العنيدة وتمييزها ضد النساء، تراها دائما مرتدية ألوانها الزاهية وابتسامتها العريضة لتجلب الأمل والرغبة في الحياة لكل النساء.
نحن مؤمنات أن سليمان سوف تتخطى الظلم الجائر الذي تواجهه من منعها من السفر والتحفظ على أموالها الشخصية وشركة المحاماة الخاصة بها، لأن قوتها وإيمانها بما تقوم به يستمر في زلزلة جبال الأبوية والظلم التي تعاني منها النساء في مصر.