للأبوية وجوه عدة: توثيق للانتهاكات ضد المدافعات عن حقوق الإنسان خلال شهري أبريل ومايو 2016

للأبوية وجوه عدة: توثيق للانتهاكات ضد المدافعات عن حقوق الإنسان خلال شهري أبريل ومايو 2016

ورقة بحثية

20 يوليو 2016

"أنا بقى عندي بارانويا من يومها، وأنا ماشية بحس إني متراقبة... لما حد بيبصلي أوي ببقى مش فاهمة ده مخبر ولا متحرش"

شهادة م.ح- 25 أبريل 2016

شهد المجال العام المصري تغيرات عديدة خلال السنوات الماضية ذات خصوصية للنساء. فمنذ يناير 2011 شهد هذا المجال تدفق عارم للنساء وحراك لهن على مستويات عديدة على اختلاف توجهاتهن السياسية والأيديولوجية. لم يكن هذا المجال العام المفتوح مرحبا  دائما بوجود النساء به، سواء كن ناشطات أو مدافعات عن حقوق الإنسان، أو نساء تشتبك مع المجال العام نظرا لطبيعة تحركاتهن اليومية، حيث رأينا ما تعرضت له النساء من جرائم عنف جنسي في المجال العام، سواء من قبل فاعلي الدولة أو فاعلين مجتمعيين. وكلما شاركت النساء في فاعليات سياسية عامة تخص مجتمعاتهن، كلما تخلل هذه المشاركة حالة من الترقب والقلق مما قد يواجهونه لكونهن ناشطات ولكونهن نساء، فتبقى دائما أخطار الضرب والاعتقال ممزوجة باحتماليات التحرش والعنف الجنسي.
مؤخرا شهدا شهري أبريل ومايو 2016 عدة احتجاجات وفاعليات سياسية قوبلت بانتهاكات مستمرة من قبض على المتظاهرين خلال التظاهرات والتجمعات المختلفة، والقبض العشوائي من المقاهي والمنازل، وتفتيش المواطنين\ات في الشوارع، واستخدام العنف المباشر وغير المباشر داخل السجون وأماكن الاحتجاز. كانت حصيلة هذه الهجمة الأمنية المستمرة والمنهكة خلال هذين الشهرين هو توثيق أكثر من 1200 حالة قبض واحتجاز  ما بين 15 و25 أبريل فقط. وكما هو الحال في طبيعة المجال العام في العقود الأخيرة، لم تكن هذه الموجة الاحتجاجية استثناءً من حيث تواجد النساء ومشاركتهن. كان من ضمن حالات القبض والاستيقاف أكثر من 40 امرأة ، تم اخلاء سبيلهن جميعا تباعا على ذمة قضاياهن المختلفة، وصدر حكم غيابي بالسجن ثلاث سنوات على متظاهرة واحدة فقط. الغالبية العظمى من هؤلاء النساء تم استيقافهن\حجزهن\ أو التعدي عليهن في القاهرة مع وجود انتهاكات نادرة في بعض المحافظات مثل الإسكندرية وأسوان.

في هذا السياق، وإيمانا من "نظرة للدراسات النسوية" بأهمية توثيق شهادات النساء لإبراز الانتهاكات المرتكبة بحقهن على أساس نوعهن ورؤية الدولة - والمجتمع – لهن، وايمانا بأهمية التوثيق في حد ذاته كإحدى أدوات التعبير والاعتراف بوجود انتهاكات وقعت على أشخاص ما، حيث أن "التوثيق هو جزء من عملية التغيير الإجتماعي والسياسي والثقافي" وإحدى أدوات الضغط من "أجل تحقيق العدالة (للنساء)"  ، يأتي هذا التقرير كاستمرار لتسليط الضوء على الانتهاكات ضد النساء وبالأخص المدافعات عن حقوق الانسان. وبالرغم من واقع أنه خلال الأحداث الأخيرة كان هناك اتجاه للإفراج عن النساء وعدم احتجازهن لفترات طويلة، وهدوء حدة وقائع العنف الجنسي مثل الاعتداءات الجنسية الجماعية والاغتصابات التي شهد المجال العام ذروتها من عام 2012 حتى عام 2014، إلا أن ذلك لا يعني أن شيئا لم يحدث للنساء خلال تلك الفترة، بل تعرضت النساء لعدة انتهاكات تقاطعت فيها هويتهن كناشطات منخرطات في المجال العام مع نوعهن. وثقت "نظرة للدراسات النسوية" عدة شهادات لنساء سواء كن مدافعات عن حقوق الإنسان، أو نساء قادهن حظهن للتواجد بمحيط التظاهرات. وأبرزت الشهادات تعرض النساء لانتهاكات جسدية ولفظية من قبل قوات الشرطة، وأفراد أمن يرتدون الزي المدني، ومن قبل مواطنين\ات في حماية الشرطة. وتضمنت الانتهاكات التي تم توثيقها الاحتجاز التعسفي، والتعدي بالضرب، والشتائم والتهديدات ذات الطابع الجنسي، والترهيب، وبعض وقائع التحرش الجنسي، ذلك إلى جانب مصادرة الممتلكات الشخصية بشكل مؤقت. تنوعت أماكن الانتهاكات من الشارع خلال التظاهرات أو أمام المحاكم لحضور الجلسات، والأقسام والنيابات المختلفة التي تم احتجاز النساء فيها ونقلهن إليها.

يأمل هذا التقرير أن يساهم في تسليط الضوء على أنماط الانتهاكات التي تعرضت لها النساء خلال شهري أبريل ومايو2016، ويهدف إلى إبراز استمرارية الممارسات الأبوية التي يتعرضن لها من قبل الدولة والمجتمع، وإن لم تكن دائما ظاهرة. كما يهدف التقرير إلى سرد أحداث أبريل ومايو 2016  من خلال تجارب وخبرات النساء، وهو منظور عادة ما يغيب عن التغطية الأساسية للأحداث. من حيث المنهجية، اعتمدت "نظرة للدراسات النسوية" على التوثيق المباشر في أغلب الأحيان من خلال مقابلات شخصية مع النساء اللاتي تعرضن للقبض أو الاعتداء، كما تم توثيق بعض الشهادات هاتفيا. في بعض الحالات، تم الإعتماد على شهادات منشورة لبعض المدافعات عن حقوق الانسان، وتعثرت مقابلة بعضهن خصوصا مع صعوبة حركتهن إذا كان مخلي سبيلهن على ذمة قضية محددة أو صادر ضدهن أحكام غيابية.


حفاظا على سرية وخصوصية النساء اللاتي تم التوثيق معهن، تم حجب جميع الأسامي واستخدام الحروف الأولى فقط (حتى في حالة استخدام الشهادات المنشورة). أيضا، في بعض الأحيان التي قد يسهل فيها التعرف على صاحبة الشهادة، تم تغيير الحروف الأولى من الإسم. علاوة على ذلك، تم حذف أغلب التفاصيل المكانية بالشهادات خاصة أسامي الأقسام والنيابات (والاكتفاء بالاشارة لهم ك"أحد الأقسام" أو "أحد النيابات") حفاظا على سرية هوية صاحبات الشهادات. لم تتدخل "نظرة" في تغيير محتوى أي من الشهادات، أو حذف أي أجزاء منها بما في ذلك الألفاظ التي قد يراها البعض غير لائقة.

الانتهاكات ضد المدافعات عن حقوق الانسان في سياق السنوات الثلاثة الماضية

كما تم الإشارة إليه سلفاً، شهدت السنوات الثلاثة الماضية تضييقا ملحوظا على المجال العام وعلى فرص تواجد المدافعين والمدافعات عن حقوق الانسان به. بالأخص، منذ صدور قانون التظاهر في نوفمبر 2013 أصبحت إمكانية تنظيم أي فاعلية سياسية في الشارع محاصرة وتمثل خطرا جسيما على المشاركين\ات بها أيا كان مضمون الفاعلية. فمنذ صدور القانون، وقلما مرت أي تظاهرة أو فاعلية احتجاجية دون فضها بعنف، واستهداف المتواجدين بها بطرق مختلفة، وتَضًمن ذلك في الكثير من الأحيان التعامل بعنف بشديد مع المدافعات عن حقوق الانسان المتواجدات في هذه الفاعليات. فبعد صدور قانون التظاهر مباشرة، فضت قوات الأمن تظاهرة أمام مجلس الشورى يوم 26 نوفمبر 2013 كانت تعترض على وجود مادة تسمح بالمحاكمات العسكرية للمدنيين بالدستور المصري  وقامت باحتجاز بعض المتظاهرات لبضعة ساعات ثم الإلقاء بهن على الطريق الصحراوي . استمر التنكيل بالمدافعات عن حقوق الإنسان كنظرائهم الذكور في سلسلة من الأحداث الأخرى، من ضمنها الحكم الذي صدر بحق سبعة من المدافعات عن حقوق الانسان (و16 مدافع عن حقوق الانسان) بثلاثة أعوام سجن وثلاثة أعوام مراقبة في أكتوبر 2014 تم تخفيفهم في الاستئناف إلى عامين سجن وعامين مراقبة، في أعقاب القبض عليهم بمظاهرة أمام قصر الاتحادية يوم 21 يونيو 2014، والحكم المجحف بالسجن المؤبد الذي صدر ضد المتهمين بقضية مجلس الوزراء ومن بينهن نساء. في يناير 2015 تجلى تزايد وتيرة العنف في حادث مقتل شيماء الصباغ على يد قوات الشرطة التي أطلقت قنابل الغاز وطلقات الخرطوش على المتظاهرين في ذكرى ثورة 25 يناير.
 
لا يسعنا رؤية الانتهاكات التي عانت منها النساء خلال شهرى أبريل ومايو 2016 إلا في هذا السياق الأوسع. ويعنينا بشكل خاص جانبين من هذا السياق: أولا، كون الأحداث الموثقة في هذا التقرير قد أتت في وقت به مصادرة حقيقية للمجال العام، ويعني ذلك أن أضيق هوامش التواجد في هذا المجال خاصة عبر التظاهر أصبحت غير موجودة  وأن أي محاولات للحراك خاصة الاحتجاجي منها من قبل النساء تضعهن في مواجهة مباشرة مع السلطة.  ثانيا، كما توضح الأمثلة السابقة، فالانتهاكات الموثقة في هذا التقرير ليست منعزلة بذاتها وليست استثنائية، بل هي جزء من استمرارية وجود مجال عام غير آمن للنساء، وبالأخص المدافعات عن حقوق الانسان  الذي يحاول هذا التقرير إبراز جزء من تجربتهن.

من 15 أبريل إلى 4 مايو 2016: ماذا حدث؟

خلال شهر أبريل 2016 قام ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز بزيارة مصر، وتبين مع انتهاء الزيارة تنازل الحكومة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية من خلال اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية. أثارت الاتفاقية موجة غضب لدى الكثير من المواطنين لأسباب مختلفة، فمنهم من عبر عن غضبه بسبب إقصاء الشعب في اتخاذ القرارات المصيرية والبعض الآخر عبر عن غضبه بالأساس بسبب التنازل عن أراضي مصرية للمملكة العربية السعودية واعتبار الاتفاقية مهينة لمصر.  في جميع الأحوال، أثارت الاتفاقية غضبا واسعا وجدل حول "مصرية" الجزيرتين، وحول آليات إشراك الشعب المصري في اتخاذ القرارات. كان نتاج هذا الغضب لدى بعض المواطنين هو موجة احتجاجية يمكن اعتبارها الأكبر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في مايو 2014، وإن كانت القوى المحتجة التي تواجدت في المحافظات المختلفة لم تتعد البعضة آلاف. بدأت هذه الموجة الاحتجاجية بانطلاق مظاهرات عفوية يوم الجمعة 15 أبريل أمام نقابة الصحفيين، وفي محيط وسط البلد في القاهرة، وفي بعض المحافظات الأخرى اعتراضا على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير عرفت باسم "جمعة الأرض". قبض على عدد كبير من المتظاهرين في أنحاء مختلفة من الجمهورية خلال "جمعة الأرض" وتم إخلاء سبيل أغلبهم في مساء نفس اليوم.

تلى "جمعة الأرض" اهتمام أكبر بقضية الجزيرتين ومحاولات للاشتباك معها بشكل أكثر تنظيما من بعض القوى والمجموعات السياسية. في ضوء هذه المحاولات تم تدشين حملة "مصر مش للبيع" (سميت أيضا بالحملة الشعبية للدفاع عن الأرض) يوم 22 أبريل 2016 والتي تكونت من عدة أحزاب وحركات سياسية تبنت التنسيق والعمل على قضية الجزيرتين. دعت الحملة في بيانها التأسيسي إلى المشاركة في تظاهرات الاثنين 25 أبريل اعتراضا على اتفاقية ترسيم الحدود والتنازل عن الجزيرتين. وفي الفترة ما بين التظاهرتين (15 و25 أبريل) شهدت مصر هجمة أمنية شديدة الشراسة تم فيها استهداف العديد من المدافعين عن حقوق الانسان والنشطاء السياسيين وأعضاء بأحزاب ونقابات مهنية والقبض عليهم من منازلهم. بلغ هذا الهجوم ذروته يوم الجمعة 22 أبريل حيث تم القبض على الكثير من النشطاء من بيوتهم، والقبض على الكثير من الشباب عشوائيا من المقاهي خاصة في محيط وسط البلد ومن محطات المترو، تأهبا لمظاهرات 25 أبريل. من الملاحظ أن جميع من تم استهدافهم والقبض عليهم من المنازل والمقاهي قبيل مظاهرات 25 أبريل كانوا من الرجال.


أتت مظاهرات 25 أبريل إذاً في لحظة مشحونة هي تجسيد للتضييق المستمر على المجال العام في السنوات الثلاثة الماضية. وبالرغم من المخاطر الأمنية خاصة مع حملة الاعتقالات التي سبقت يوم 25 أبريل، كان الكثير من المواطنين\ات قد عقدوا عزمهم على المشاركة في هذه التظاهرات. تقول ف.ع: "تابعت الدعوات المختلفة لمظاهرات اليوم للتعبير عن رفض التنازل عن الجزر المصرية وكان المقرر أن تكون التجمعات فى ثلاث أماكن دار الحكمة - نقابة الصحفيين - أمام مترو البحوث فى الدقي وكنت قررت الانضمام إلى تجمع نقابة الصحفيين."  تتكرر نبرة الإصرار والحرص على المشاركة في فاعليات 25 أبريل في أكثر من شهادة، ويظهر جليا في بعض الشهادات أن أهمية هذه التظاهرة كانت تتخطى بالنسبة للبعض قضية الجزيرتين في حد ذاتها. صممت الكثير من المتظاهرات على التواجد في هذا اليوم لإدراكهن أنه يمثل إحدى أشكال فك الانغلاق المفروض على المجال العام والبرهنة أنه مازال باسطتاعاتهن فعل "شئ ما"، فكما توضح و.ع.: "كان عندي قناعة إن لازم ننزل يوم 25 عشان فيه حالة كده إن محدش يقدر يتكلم ومحدش يقدر يعارض واللي هينزل هيتاخد ومفيش معارضة حقيقية. فأنا كان عندي قناعات إن لازم ننزل يوم 25 بغض النظر مين نازل عشان نقول إن في  معارضة وإننا نقدر نتكلم وإن مينفعش الاتفاقية تتعمل بالطريقة دي اللي اتعملت بيها" . تشرح و.ع بوضوح أن أسباب خوضها مغامرة التظاهر يوم 25 أبريل أتت من رغبتها في تحدي السكون المفروض على المجال العام وإثبات وجود قوى مستقلة قادرة على انتزاع مساحات في هذا المجال. فحتى ذكرها لقضية الجزيرتين جاء اعتراضا على "الطريقة" التي تمت بها الاتفاقية، في إشارة للممارسات الإقصائية للشعب. فلقد كان واضحا في وعي الكثير من النساء أن المشاركة يوم 25 أبريل، على فداحة ثمنها، هي فرصة تتخطى الاعتراض على التفريط في الجزيرتين؛ فهي فرصة لإثبات كونهن طرف في المجال السياسي وفرض وجودهن في المجال العام مرة أخرى.

كما كان متوقعا، لم تكن المشاركة في هذه الفاعليات بالأمر الهين بدءا من محاولة الوصول للتظاهرات، وصولا لمواجهة الضرب أو الاعتقال. اصطدمت العديد من النساء بالحصار الشديد للشوارع التي كان من المقرر تنظيم التظاهرات بها وأصبح محيط وسط البلد كله محاصر ولم تتمكن أي تظاهرة من التجمع بالأماكن المتفق عليها مسبقا، "تداولت الأخبار أن الوصول لنقطة التجمع أمام نقابة المهندسين برمسيس وبالتالى نقابة الصحفيين أصبح شبه مستحيل فى ظل الإغلاق شبه التام للشوارع المؤدية إليها، وظلت التساؤلات تطرح من الشباب أين الأماكن البديلة للتجمع، حتى طرح ميدان المساحة بالدقى كمكان للتجمع ". توجهت ف.ع وغيرها من المتظاهرات والمتظاهرين إلى ميدان المساحة، بينما تجمع عدد آخر في ناهيا، "كنت المفروض هنزل المسيرة في ناهيا بس ملحقتش أروح. نزلت ومكنتش أعرف المكان بالظبط." تعكس الشهادات حالة من الحيرة والفوضى في ظل حصار الأماكن المتفق عليها ومحاولة البحث والوصول عن أماكن بديلة للتظاهر، ويبرز ذلك في نفس الوقت إصرار المتظاهرات على الوصول إلى تجمع ما والتعبير عن رأيهن بالرغم من استحالة التظاهر في الأماكن المعلن عنها لمحاصرتها من قبل الأمن وعدم تأكدهن من أماكن التجمع الجديدة. نقلت الشهادات الموثقة صورة شديدة العشوائية في تعامل قوات الأمن مع المتظاهرين. فيبدو أن حالات التفتيش والاستيقاف والقبض طالت جميع المارين والمتواجدين في محيط الأحداث دون تمييز. تقول ف.ع والتي قبض عليها من أفراد بزي مدني أثناء احتمائها بإحدى العمارات وتم اقتيادها إلى ميكروباص: "كانت مازالت عمليات القبض على الشباب مستمرة واقتيادهم لسيارات «ميكروباص» بمنتهى العنف، وتعرض كثير منهم للضرب أثناء القبض حيث كان كل 4 و 5 أشخاص من الأمن يمسكون بشاب واحد ".  نجت صاحبة هذه الشهادة من الاحتجاز حيث أنه  "تردد كلام حول أن القسم لا يوجد به مكان من كثرة عدد المعتقلين بداخله " بعد اقتيادها إليه مع عدد آخر من المتظاهرات، فتم سحب بطاقتها الشخصية وإطلاق سراحها دون تحرير محضر، مما يؤكد  وجود معدلات قبض واحتجاز شديدة الكثرة والعشوائية طالت النساء والرجال. تؤكد شهادة ب.م والتي تم اقتيادها إلى إحدى معسكرات الأمن المركزي على كثرة وعشوائية الاعتقالات في هذا اليوم، "سألت أمين الشرطة هما هيضربوني قالي لأ مش بيضربوا بنات وقالي معلش ده مش ذنبنا هي التعليمات عندنا إن لو دبانة عدت من ميدان التحرير نوقفها. " بالرغم من استيقاف واحتجاز عدد كبير من النساء لبعض الوقت، تم إخلاء سبيل أغلبهن في نفس اليوم أو احتجازهن لبعضة أيام (أربعة أيام  بحد أقصى)، بينما استمر احتجاز الرجال المقبوض عليهم لمدد أطول.

 استمرت تداعيات مظاهرات 25 أبريل بعد الحدث نفسه. فأحيلت الكثير من قضايا التظاهر ضد متظاهري 25 أبريل إلى المحاكمة وصدر في بعضها أحكام حضورية وغيابية على المتظاهرين، بينما استمرت الممارسات الانتقامية واستهداف المدافعين عن حقوق الانسان الذين عرفوا بنشاطهم في قضية الجزيرتين، وقبض على بعضهم في أعقاب مظاهرات 25 أبريل. في خضم هذه الأحداث، استمرت حملة "مصر مش للبيع" في عملها خاصة من خلال تسليط الضوء اعلاميا على النشطاء والمتظاهرين الذين تم القبض عليهم أو استهدافهم. وفي أعقاب 15 و25 أبريل  استمر عدد من الانتهاكات ضد مواطنين ومن بينهم الكثير من النساء، فأصبحت إذاً لهذه الأحداث التي بدأت بالاعتراض على اتفاقية الجزيرتين توابع أخرى تجاوزت قضية الجزيرتين وأصبحت تشمل حرية التعبير وغلق المجال العام عموما. تفاقمت الأزمة وتصاعدت حدتها بشكل ملحوظ عندما اقتحم الأمن نقابة الصحفيين يوم 1 مايو 2016، وذلك على خلفية احتماء إثنين من الصحفيين بالنقابة بعدما صدر ضدهم أمر ضبط وإحضار بسبب نشاطهم السياسي. اتخذت الموجة الاحتجاجية طابعا متعلقا بحرية الصحافة وقضية الحريات بشكل عام واحتشد الكثير من الصحفيين أمام نقابتهم تنديدا باقتحامها وبدأ اعتصام بالنقابة كان أكثر أيامه زخما يوم 4 مايو، وهو يوم اجتماع الجمعية العمومية. شهد اجتماع الجمعية العمومية للصحفيين يوم 4 مايو احتشاد عدد كبير من الصحفيين بالنقابة، وتم رصد عدة انتهاكات خلال اليوم من قبل قوات الشرطة أو مواطنون في حماية الشرطة. لم يتم رصد الكثير من وقائع القبض أو الاعتقال كما كان الحال مع مظاهرات 15 و25 أبريل ولكن كما أوضحت الشهادات كانت أغلب المضايقات متعلقة بمنع الصحفيين من دخول النقابة أو استفزازهم والاشتباك معهم وفي بعض الأحيان التعدي عليهم بالضرب. تنتهي الشهادات الموثقة في هذا التقرير بيوم 4 مايو 2016، حيث أنه كان آخر حدث يتجمع به عدد كبير من المواطنين ويتم رصد انتهاكات متكررة خلاله. لا يعني ذلك عدم حدوث أي انتهاكات أو تجاوزت بحق النساء بعد يوم 4 مايو، إلا أنه بشكل عام بعد 4 مايو خفتت حدة الفاعليات السياسية المنظمة وقلت أعداد الحشد وبدأت الموجة الاحتجاحية في الانطفاء تدريجيا.

تنقل شهادات النساء صورة عن أحداث أبريل ومايو 2016 باعتبارها تجليا حقيقيا للتفاوض حول غلق المجال العام خلال السنوات الثلاثة الماضية، حيث ترفض السلطة تماما أي تحرك أو أي شكل من أشكال التظاهر من ناحية، ومن ناحية أخرى يصر الكثير من المتظاهرون\ات أو المعتصمون\ات على اختراق هذه الحدود المفروضة من السلطة، وتعكس بعض الشهادات إيمان النساء المشاركات بالفاعليات المختلفة أن دفاعهم عن هذه المساحات هو أمر طبيعي وأن وجودهن بها هو حق يجب انتزاعه، تقول ه.ع، إحدى الصحفيات المعتدى عليهن يوم 4 مايو أمام نقابة الصحفيين: "دي ناس أنا معملتلهمش حاجة عشان يضربوني ودي نقابتنا إحنا، هم اللي مش في مكانهم!"  فالانتهاكات المرتكبة بحق المدافعات عن حقوق الإنسان أو حتى النساء اللاتي تم القبض أو التعدي عليهن عشوائيا يجب فهمها في هذا السياق الذي ينظر فيه إلى أي جسد يحاول زعزعة الحدود المفروضة على المجال العام كتحدي في حد ذاته.

لكن كيف اختلف التعامل مع أجساد النساء عن أجساد الرجال في أحداث أبريل ومايو؟ وما هي الانتهاكات التي واجهتها النساء على أساس نوعهن وما هي دلائلها؟

الأبوية بأوجهها المختلفة: رصد لأنماط  وأبعاد الانتهاكات ضد النساء خلال أبريل ومايو 2016

في أحيان كثيرة، خاصة التي لا تظهر فيها انتهاكات عنيفة ضد النساء، قد تطغي سردية عامة أن النساء لا يتعرضن لاستهداف مماثل لنظرائهم الذكور والذي يتم انتهاكهم بشكل أكثر شراسة واحتجازهم لفترات أطول.   في واقع الأمر، خلال أحداث أبريل ومايو 2016 فاقت أعداد الرجال المقبوض عليهم أعداد النساء وتم احتجازهم والتنكيل بهم لفترات أطول. كما لم نشهد اعتداءات جنسية فجة ضد النساء سواء من قبل فاعلي الدولة أو فاعلي المجتمع. بالرغم من ذلك، يمكننا من خلال تحليل الشهادات التأكيد على استمرارية نمط الممارسات الأبوية ضد النساء والمدافعات عن حقوق الانسان واعتبار وجودهن في المجال العام غير طبيعي، والسعي لإبعادهن عنه، حتى وإن كان ذلك تم بشكل غير ظاهر.

تختلف الممارسات التي تم توثيقها خلال أبريل ومايو 2016 بعض الشئ عن ما تم توثيقه من قبل العديد من المنظمات النسوية ومن بينهم "نظرة" أثناء مظاهرات 2011 و2012، وكذلك أثناء التظاهرات القليلة في الفترة ما بين 2013-2016. فخلال 2011-2013 كان هناك استهداف واضح للمدافعات عن حقوق الانسان على أساس نوعهن واتخذت الانتهاكات الممارسة ضدهن من قبل الدولة طابع جنسي فج بدءا من كشوف العذرية، مرورا بتعرية النساء بشكل متعمد أثناء التظاهرات وصولا لإشراف واشتراك بعض فاعلي الدولة على التحرش والاعتداءات الجنسية على النساء بشكل ممنهج . لم نشهد هذا النمط من العنف الجنسي العلني والاستهداف العنيف للنساء من قبل الدولة على أساس نوعهن خلال الفاعليات القليلة التي تم تنظيمها بعد إصدار قانون التظاهر في 2013. تميزت الفترة ما بين 2013-2016 باستخدام العنف المفرط دون تمييز لقتل أي امكانية للتظاهر من الأساس، سواء عن طريق استخدام الرصاص والخرطوش (مثلا مقتل شيماء الصباغ) وضرب النساء في التظاهرات واحتجازهن (اأحداث مجلس الشورى 2013) وصدور أحكام قاسية ضدهن (قضية مجلس الوزراء وقضية الاتحادية 2014). ربما يأتي ذلك لاختلاف السياقين، حيث أن في أعقاب 2013 كانت هناك رغبة في القضاء على إمكانية التظاهر نفسها وإحكام غلق المجال العام، بشكل كان يستحيل تنفيذه  خلال 2011-2012.

كانت أحداث أبريل ومايو مختلفة بعض الشئ فلم نشهد استهداف جنسي عنيف بأشكال علنية من قبل الدولة كما حدث في 2011-2012، بل وشاهدنا محاولات لعدم التعرض للنساء بفجاجة على الأقل من قبل فاعلي الدولة الرسميين (وإن كن تعرضن لانتهاكات جسدية من مواطنين في حماية الدولة) ووجود اتجاه للإفراج عن أغلب النساء بعد فترات قصيرة وعدم صدور أحكام ضدهن (إلا في حالة واحدة صدر فيها حكم ابتدائي غيابي على إحدى متظاهرات 25 أبريل بالسجن ثلات سنوات). إلا أن هذا كله لم يعن تغير جوهر الممارسات الأبوية التي تسعى لإقصاء النساء وإبعادهن عن المجال العام لكونهن نساء. فمن الملاحظ خلال الأحداث التي تم توثيقها هو أن هذه الممارسات الأبوية اتخذت شكلا أقل علانية وتصدامية يساعد على عدم الانتباه لها، إلا انها لازالت تحمل في طياتها نفس المعاني التي حملتها الانتهاكات المختلفة التي تعرضت لها النساء طوال السنوات الخمس الماضية. فواجهت النساء أثناء احتجازهن واستجوابهن الكثير من الانتهاكات على أساس نوعهن مثل توجيه الشتائم الجنسية بشكل مستمر لهن: "يا شراميط"  "انتوا بتوع التحرير اللي بتناموا مع الولاد"  وبعض وقائع التحرش الجنسي (من فاعلي الدولة والمجتمع) التي لم تكن ظاهرة. فحتى الوجه الأقل صدامية من الأبوية والذي ظهر من الميل للللإفراج عن النساء وعدم حبسهن لفترات طويلة يأتي من منطق أبوي مبني على فكرة أنه لا "يصح" أن يتم احتجاز امرأة ومبيتها خارج المنزل وورود إسمها في محضر، أو أن في ذلك ما يمسها أخلاقيا، أو أنها لا تستطيع دفع أثمان نفس اختيارات نظرائها الذكور. تقول و.ع: "رئيس المباحث العامة في مديرية الأمن قال لي انت عشان بنت ومن الصعيد مش هنقبل إن احنا نحط إسمك في محضر."  .  كما يمكن تحليل عدم احتجاز النساء لفترات طويلة أو الاعتداء عليهن بوضوح من منطلق أن ذلك يحمل السلطة أثمان أكبر ويجلب تعاطف مع النساء المحتجزات أو المعتدى عليهن.  في نهاية الأمر، سواء كشفت الأبوية عن وجهها الأقل صدامية أو الأكثر شراسة، فممارساتها مفادها أن المجال العام والسياسي ليس المكان الطبيعي للنساء وأنه يجب اخضاع وتأديب أجساد هؤلاء النساء اللاتي تواجدن بالمجال العام حتى ولو بشكل غير ظاهر في أحيان كثيرة. من خلال الشهادات تمكنا من رصد عدة أنماط من الانتهاكات (أغلبها ليس بجديد وتكرر في أحداث أخرى) للبرهنة على هذا الطرح وسيتم تفصيلهم فيما يلي.

1- القبض والاحتجاز التعسفي


تم استيقاف واحتجاز الكثير من النساء تعسفيا خلال الأحداث الأخيرة وترواحت الوقائع بين التفتيش والاستيقاف في شوارع وسط البلد والشوارع المحيطة بها ومداخل ومخارج نقابة الصحفيين، والاحتجاز لبضعة ساعات دون تحرير محاضر، إلى الاحتجاز لعدة أيام. لم تمكث أي من النساء اللاتي تم القبض عليهن أكثر من أربعة أيام بالحجز وتم إخلاء سبيلهن جميعا على ذمة قضاياهن المختلفة. اختلفت طرق القبض بين القبض من التظاهرات نفسها أو عشوائيا من الأماكن والمقاهي المحيطة بأماكن التجمعات أو القبض على صحفيات أثناء تأدية عملهن . تروي ف.ع والتي كانت تتظاهر في ميدان المساحة واحتمت بمدخل إحدى العمارات عند فض التظاهرة: "دخل أفراد الأمن إلى المدخل، حوالى 6 أو 7 أفراد بزي مدني وبدأوا بالشتائم القذرة والسب للجميع وخاصة من كان يجرؤ بالسؤال أو الرد وسحبوا بطاقاتنا الشخصية واقتادونا إلى الخارج لنجد سيارة ميكروباص ووجهونا لركوبها".   أما م.ع.ع والتي كانت في طريقها إلى مظاهرة ناهيا ولم تبلغها، قبض عليها أثناء مرورها من كوبري في محيط التظاهرة: "وأنا نازلة من عالكوبري فجأة لقيت ناس بتتلم  ]... [. في الأغلب كانت مسيرة ناهيا اتفضت وبدأ الكر والفر .. بدأنا نجري بس في ظابط أو أمين مباحث جسمه كبير مسكنا من قفانا وطلعنا من عالكوبري ونزلنا تاني ]...[ أنا فعلا مش فاكرة اللي حصل بالظبط في الوقت ده مش عارفة ازاي، كان في مسك كتير بس مش عارفة لو حد ضربني أو تحرش بي.. فعلا مش فاكرة. أمناء المباحث طلعوا الميكروباص وقعدوا يشتموا جامد وكنا متكلبشين". بعض النساء قبض عليهن وهن لا علاقة لهن علي الإطلاق بالمظاهرة ولكن تصادف وجودهن في محيطها، كما تروي م.ح والتي كانت بإحدى مقاهي ميدان المساحة وقت فض التظاهرة: "بعد شوية الضرب ابتدى عالمظاهرة والstaff بتاع الكافيه دخلنا جوة بس لقينا إن المكان جوة اتملى فدخلنا اللوبي بتاع فندق جنب الكافيه  ]...[ واحد من صحابي اللي كانوا معانا قال إن في واحد شكله مخبر وانه مش مستريحله فقلتله خلاص نقوم نمشي. جينا نخرج كان المخبر ده جه ورانا ودخلنا جوة تاني وقالنا "بطايقكوا". طلعونا في الأسانسير بتاع الاوتيل في أوضة فوق بتاعة شرطة السياحة، وقفونا في الممر ودخلوا واحد واحد " وتم ترحيلها بعد ذلك إلى أحد الأقسام والإفراج عنها في نفس اليوم. في أغلب الأحيان تم تحرير محاضر للنساء التي أوضحت تحريات الأمن الوطني أن لهن علاقة ما بالسياسة حالية أو سابقة حتو ولو قبض عليهن عشوائيا (مثلا حالة م.ر ).

بالرغم من الإفراج عن أغلب النساء حتى السياسيات منهن بعد فترة قصيرة، إلا أنهن تعرضن خلال فترة احتجازهن للكثير من الممارسات الأبوية سواء عن طريق المعاملة العدوانية والألفاظ المهينة التي تنم عن احتقار لوجودهن في المجال العام وتقلل من شأنهن كنساء مثل "الحريم دول هنا ليه" و"الجواميس دول يمشوا من هنا " و"واقفة كده ليه يا مرة" أو  عاملالي فيها راجل" !. كما كانت طريقة تعامل الشرطة في أغلب الأحيان حتى المتعاطفين منهم مع النساء المحتجزات لا تخلو من "التأديب" وكأنها لم "تخطئ" فقط لكونها معارضة أو ناشطة ولكن بالأساس لكونها امرأة اتخذت مسار النشاط السياسي. في بعض الأحيان أيضا تخللت التحقيقات ولحظات الإفراج عن النساء المقبوض عليهن نبرات تهديد: "انت فاكرة عشان هتخرجي خلاص؟ انت اسمك بقى عندنا وحتى لو انت منزلتيش تاني، لو في مظاهرة نزلت هنجيبك برضه!"  وكأنه ينتقم من قرار إخلاء سبيلها ويتوعدها بعقاب لاحق.

من الملاحظ أيضا الإصرار على التعامل مع النساء اللاتي قبض عليهن وغبر مرجح انتمائهن لتيارات إسلامية باعتبارهن كتلة واحدة صماء والإصرار على أن جميعهن أعضاء في حركة " 6 أبريل". تكرر ذلك في شهادة م.ر و ون.أ وم.ع.ع. تروي الأخيرة: "رحنا القسم وأول ما دخلنا قفلوا علينا الباب وقالولنا محدش هيعرف مكانكم هنا. دخل بعد كده ملازم قال عليا أنا وز . وواحد كمان ماشي التلاتة دول 6 أبريل والباقي دول (كان بعضهم بدقون) إخوان. دخلت بعد كده للأمن الوطني ورئيس المباحث قالولي قوليلنا اللي حصل وبلاش تستهبلي وتقولي معرفش، ده مش هيفيدك في حاجة، ساعدينا يا إما هنلبسك تحريات زي الزفت...." وأصر الضباط والأمناء أكثر من مرة على انتماء م.ع.ع لحركة 6 أبريل: "فعلا أنا مش 6 أبريل أعمل ايه!  " .وتقول م.ر: "ضابط الأمن الوطني سألني انت اخر اجتماع حضرتيه ل6 أبريل امتى.. قلتله أنا عمري ما كنت في 6 أبريل روح اعمل تحرياتك" . وتكرر نفس الأمر في شهادات ب.م ون.أ اللاتي قبض عليهن يوم 25 أبريل أيضا من محيط ميدان التحرير ونقابة الصحفيين.

الأهم هو أن "اتهام" الانتماء ل6 أبريل يصاحبه إصدار أحكام أخلاقية على هؤلاء النساء، "سمعت واحد من الضباط بيقول "شايف شراميط 6 أبريل؟؟" "دول بيولعوا سجاير قدام الولاد عادي..والله لو شرموطة جايبها من الشارع متعملش كده" . وفي صباح يوم 26 أبريل عندما كانت تحاول م.ر اجتياز حواجز الأمن عند مدخل نقابة الصحفيين لتتمكن من الوصول إلى منزلها، رد أمين الشرطة على صديقها الذي طلب منه معاملتها كأخت له: "أنا أختي مش شرموطة متناكة عشان تنزل من البيت" . لم تقتصر تلك الأحكام الأخلاقية والإهانات ذات الطابع الجنسي على فاعلي الدولة وأفراد الأمن فقط. تروي م.ع.ع عن احتجازها مع الجنائيات أن بعضهن تصرف معها بعدوانية وقالت لها إحداهن: "مش انتوا بتوع التحرير اللي بتناموا مع الولاد" . تنم هذه الإهانات والأحكام سواء من قبل فاعلي الدولة أو بعض السجينات غير السياسيات عن تصور تنميطي تجاه الناشطات بالمجال العام (من غير الإسلاميات) يعتبرهن جميعا كتلة واحدة لديها نفس الانتماء السياسي والتنظيمي، وأنهن بمعايير من يصدر تلك الأحكام "منحلات أخلاقيا" بالضرورة أو أن حرية الحركة والنشاط في المجال العام لا يمكن أن تنفصل عن "الانحلال" والذي دائما ما يصبغ بطابع جنسي. يعزز ذلك التنميط تجاه النساء مظهرهن الخارجي، مثلا إذا كانوا غير محجبات.

2- الانتهاكات الجنسية

غابت الاعتداءات الجنسية الفجة التي اعتدنا رؤيتها في المظاهرات والتجمعات عموما، كالاغتصابات والاعتداءات الجنسية الجماعية في الأماكن العامة، وقد يكون ذلك  لعدة أسباب. أولا التكلفة الأمنية للتظاهر كانت عالية وغير متوقعة وكلما ازداد الخطر الأمني وعشوائيته كلما قلت احتماليات الانتهاكات الجنسية العنيفة، وكذلك عدم وجود تظاهرات ضخمة (كالمليونيات مثلا)، وفض التظاهرات سريعا، والكر والفر المستمر وعدم وجود تجمع أو اعتصام لفترات طويلة في نفس المكان كعوامل مساعدة في تقليل الاعتداءات. إلا أن غياب الأشكال الأكثر عنفا من الانتهاكات الجنسية لا يعني عدم تعرض النساء لأي شكل من تلك الانتهاكات. تراوحت الانتهاكات الجنسية من الإهانات والشتائم ذات الطابع الجنسي التي تم ذكرها إلى التهديدات وبعض وقائع التحرش الجسدي. مثلا، خلال تواجد ه.م أمام محكمة زينهم في انتظار محاكمة زملائها، قام أحد المواطنين الموجودين بالتحرش بها في حماية الأمن: "ده كان حوالي الساعة واحدة إلا ربع الظهر. لقينا في  كردون حديد، وقفنا ورا الكردون لقيت "بلطجية" كتير رجالة وستات واحد من الرجالة جيه ناحيتي وزقني واتحرش بي. .مسك صدري وفضل ماسكه زعقت فيه وقلتله شيل ايدك.”

كما تعرضت بعض النساء إلى انتهاكات جنسية في أماكن الاحتجاز: "صحينا تاني يوم ودونا النيابة والمرة دي كان في أمين شرطة متحرش جدا كل شوية يلزق فيا ويحط كوعه وطلبت من عسكري أمن مركزي يبدل مكانه معايا" . تعرضت النساء أيضا في بعض الأحيان أيضا إلى تهديدات جنسية، "أما وصلنا النيابة شفت ماما من جوه العربية وقعدت أشاورلها وأقولها ماما أنا هنا راح واحد من أمناء المباحث مزعقلي مش فاكرة قالي لو اتكلمتي تاني احنا هنزعلك هنا ومحدش هيعرف عنك حاجة" ولا قالي "لو اتكلمتي تاني احنا هننيكك هنا ومحدش هيعرف عنك حاجة" . لم تكن هذه الانتهاكات سواء التي مارسها المواطنون - في حماية الشرطة - أو أفراد من الداخلية انتهاكات جنسية مخطط لها، إنما هي نوع من الاستحقاق الجنسي  الذي يشعر به فاعلي الدولة والمجتمع تجاه النساء في المجال العام، بمعنى أن أجسادهن مباحة للاستغلال والانتهاك طالما تواجدت في هذا المجال. فكما هو ظاهر من أنماط الاعتداءات، أن الغرض من وجود المواطنين بالأساس في محيط المحاكم والتظاهرات هو مضايقة المارين واستفزازهم والتعدي عليهم بالضرب ولم تكن هناك خطة ممنهجة للاعتداء جنسيا على النساء (على غرار الأربعاء الأسود مثلا ) إلا أن ذلك لم يمنع أحد المواطنين أو أحد أفراد الشرطة من التحرش بالنساء من منطلق أنه "لا مانع" من التحرش بالنساء أيضا أثناء التعدي عليهن  بالضرب أو التحقيق معهن. كعادتها، الانتهاكات الجنسية لا تخص فقط فاعلي الدولة بل أيضا فاعلي المجتمع. على سبيل المثال، تعرضت إحدى الفتيات المحتجزات إلى واقعة تحرش من إحدى السجبنات الجنائيات أثناء مكوثها في الحجز: "فضلت كده لحد الفجر تقريبا بفوق وأرجع تاني ومش عارفة آخد نفسي. وأنا بفوق لقيت البنت اللي جنبي بتتحرش بيا! كانت حاطة ايديها في جسمي يعني! صحيت، قالتلي انت تعبانة مش عايزة تنامي قلتلها لأ أنا صحيت. " بشكل عام، لا يمكن فصل الانتهاكات الجنسية واستباحة أجساد النساء عن الرؤية الدونية للنساء عموما، والرؤية الدونية للناشطات بالمجال العام والسياسي خصوصا.

3- اعتداءات من قبل مواطنين\ات بزي مدني

تكررت في أكثر من شهادة تعرض النساء للضرب من قبل مواطنين\ات بزى مدني، بالأخص من نساء يرتدين عبايات سوداء وهو ما روته أربعة نساء في أحدات مختلفة، فتكرر هذا النمط أمام نقابة الصحفيين وأمام محكمة زينهم ومحكمة عابدين. وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها استخدام مواطنين للتعدي على أجساد النساء نيابة عن الدولة، وكانت الاعتداءات في أغلبها اعتداءات بالضرب والركل وتوجيه الشتائم. تقول ن.ع والتي تعرضت لضرب مبرح أمام محكمة زينهم يوم الثلاثاء 18 أبريل أثناء انتظارها خلال جلسة أصدقائها الذين قبض عليهم على خلفية مظاهرات 15 أبريل: "أنا كنت واقفة على الرصيف المقابل للمحكمة وبدأنا نسمع الصريخ. أخدنا الكاميرات وطلعنا نجري ونشوف بيحصل إيه. معظمهم كانوا ستات اللي بيضربوا. حاولت أنزل من على الرصيف لكن الشرطة كانت راكنة والعربيات راكنة صف أول وتاني وثالث ومكنش في ممر غير من ناحية الضرب. كنت ماشية من عند الرصيف معايا الكاميرا ولابسة الشنطة "كروس"، وواحدة منهم قالتلي إنتي معاهم؟ قلتلها أنا صحفية ورفعت الكاميرا، وأول ما عملت كدة حاولوا ياخدوا الكاميرا قلتلهم لأ، وبنت منهم شدت شعري (5 ستات حواليا ومكنتش شايفة حاجة غير جلاليب سودة). البنت اللي كانت لابسة بودي أورانج وجينز ومتصورة في الإعلام بدأت تضرب والستات التانيين في رقبتي وظهري، " تعرضت ر.ع إلى اعتداء بالضرب أيضا في نفس اليوم أمام المحكمة: 
 
"مسكوني من شعري ومسابوهوش..وسحلوني عالأرض وفضلوا يضربوا فيا بالبوكسات والشلاليت والأقلام في كل حتة ما عدا  الوش.. في رقبتي وبطني ورجلي..وكانوا بيشدوا شعري جامد جدا لدرجة ان كانت بتطلع خصل في ايدهم، كنت بحط ايدي على  دماغي الاقي دم بينزل من فروة راسي من كتر ما شدوا شعري. " لما روحت وكشفت لقيت شرخ في الفقرة الخامسة ورقبتي الوتر  مشدود وكتفي مش بيتحرك. دراعي وضهري كان كلهم كدمات زرقاء وكل ما أمسك شعري يقع. هم كمان حاولوا يقلعوني  هدومي وقطعوا السلاسل من رقبتي. ده أسوأ يوم في حياتي..أنا بنزل مظاهرات من 2008 وأخدت خرطوش في جسمي قبل  كده بس مش زي ما تتسحلي ولما تواجهي شرطة في المظاهرات مش زي ما تبقى ناس عادية بتضربك."  
وبالطبع تمت تلك الاعتداءات من قبل المواطنين في حماية قوات الشرطة الموجوة أو ربما بأوامر مباشر منها" واحد صاحبنا سمع واحدة من الستات اللي بتضربنا وهي بتقول للضابط "تمام يا فندم نفذنا الأوامر" . 
تعرضت أيضا بعض الصحفيات يوم 4 مايو إلى انتهاكات شبيهة من قبل مواطنين نساء ورجال أمام النقابة ومن قبل بعض المواطنين المؤيدين للرئيس والذين كانوا يحملون صوره، "لقيت الستات بيتحركوا ناحيتي.. هم كانوا 6 ستات لابسين عبايات سوداء ومعاهم شوم في ايديهم بس واحدة منهم بس اللي تعدت علي. هي جت ضربتني بالقلم وقعدت تضرب في فأنا قعدت أصوت وأختي كانت معايا وجت تلحقني لقيت الشرطة عملت كوردون علينا وحطيت حواجز تانية واحنا بقينا في النص مش عارفين نطلع. " وتقول ه.ع: "الستات اللي كانو واقفين اتلموا عليا- كان في كتير واقفين بس اتنين بس اللي ضربوا- وكانوا لابسن عبايات سوداء وبدأوا يضربوا في جامد. ضربوا ضهري كتير أوي وايدي، مضربوش في وشي خالص وضربهم مسابش أي علامات بس تحس انهم عارفين يوجعوا ازاي.. كأنهم مدربين، جسمي كله كان مكسر بعدها. الطرحة اتحركت وشعري بان والخاتم وقع والكارنيه. شايفة الضباط ورا الحاجز وعايزة أقولهم انقذوني ومش عارفة أتكلم وكانوا رتب يعني! وبعدين قلتلهم "انتوا سايبني، مبسوطين كده وهما بيضربونا".

4- استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان

بالاضافة إلى القبض العشوائي ومن التظاهرات وثقت "نظرة" شهادة إحدى المدافعات عن حقوق الإنسان التي تم اقتحام بيتها واحتجازها لبضعة ساعات على خلفية المظاهرات رغم عدم مشاركتها فيها. تقول س.ن: "كنت قاعدة في البيت في أمان الله لقيت الباب بيخبط وفي مخبرين داخلين. كانت الساعة حوالي 11:30 بالليل. أنا عارفة المخبرين دول عشان المراقبة (صادر ضدها حكم مراقبة من قضية تظاهر سابقة). قلتلهم في ايه؟" ثم تم اقتيادها إلى أحد الأقسام قسم ]...[ "ولقيت أقلام وشلاليت وإهانات. التلاتة كانوا بيضربوني.. الأول كانوا بيضربوني بالايد وبعدين بالرجل وخبطوني في دقني وبعدين لقيت خشبة على ظهري وخشبة على كتفي. ضربوني في كل حتة فعلا وكانوا بيضربوا تدريجيا كأنهم بيستعدوا للحرب. وقالولي ألفاظ قذرة.. بالأب والأم و"انت عاملالي فيها راجل يا بنت كذا". لا ينم ذلك إلا عن استضعاف هؤلاء النساء واستغلال القسم لسلطته  واستغلاله لحكم المراقبة لاستهداف س.ن. - وربما غيرها من المدافعات عن حقوق الإنسان- كلما تناقلت أخبار عن تنظيم تظاهرة باعتبارها بالضرورة على علاقة بها بالرغم من انقطاع نشاطها السياسي تماما وخضوعها للمراقبة والتزامها بها يوميا، وكأنها ستظل  دائما تدفع ثمن نشاطها في المجال العام يوما ما. الجدير بالذكر أن احتجاز ن.ب كان بالأساس بغرض أن توشي بأسامي من دعوا للتظاهر وأنها تعرضت للاهانات والضرب الشديد عندما رفضت ذلك.

5-سوء ظروف الاحتجاز

بالطبع عانت النساء أيضا من الظروف السيئة للاحتجاز التي تواجه جميع المحتجزين أيا كانوا منها سوء التهوية وحالة أماكن الاحتجاز المزرية وكذلك التنكيل بالمساجين السياسيين بالأخص وحبسهم مع الجنائيين. تصف م.ر "حبسخانة" كالآتي: "اللي فات بقى ده كله حاجة واللي جاي في الحبسخانة بتاعة حاجة تانية. الحبسخانة دي حاجة أصعب من القبر. الحيطان لونها أصفر على أسود والحبس عبارة عن باب حديد وباب حديد وساحة. في حيطة حديد كاملة جواها زنزانة". أما عن الحجز فتقول: "لما رجعت الحجز بقى أدركت أنا في مكان عامل ازاي. مكان ضيق جدا وتحت الأرض وفيه سلم المروحة متوجهة عليه وبير السلم بيشوف باب حجز الأولاد. الحمام عبارة عن دش وتحته حمام وملوش باب، هي نص حيطة وشي بيبقى باين منها. الوضع كان مزري، بعد كده عرفت ان المكان ده بلاعة صرف القسم". كما أن سوء التهوية كان له تأثير سئ على م.ر والتي تعاني من ظروف صحية سيئة وتعنت القسم في مبيتها في المستشفى بالرغم من توصية المستشفى بذلك، فأصيبت بعدة إغماءات طوال الليل بسبب التكدس وسوء التهوية وعدم توفير الرعاية الطبية المناسبة. كما تعرضت بعض المحتجزات للضرب أو التهديد بالضرب: "اليوم ده بالليل (تاني يوم في القبض وأول يوم في الحبس) حصلت مشلكة كبيرة. في واحدة اسمها س. الحلق بتاعها ضاع وحصلت خناقة وقعدوا يزعقوا، المهم بسبب الخناق والزعيق قفلوا علينا النور والضابط دخل وقعد يشتمنا وكان معاه عصايا كبيرة ].... [ أنا مكنتش أعرف ان لازم لما الظابط يدخل نقف فكنت قاعدة وقعدوا يقولولي قومي أقفي وهو قعد يهوشني بالعصايا بس مضربنيش"

 تتعرض السياسيات والمدافعات عن حقوق الإنسان أيضا إلى مضايقات بسبب احتجازهن مع السجينات الجنائيات. فبجانب واقعة التحرش الجنسي التي سلف ذكرها، والعدوانية في التعامل في بعض الأحيان، تكررت وقائع الوعظ الديني من قبل الجنائيات إلى بعض المدافعات: "كان في حوالي 15 أو 16 بنت أغلبهم جنائيات و3 سياسة (اللي كنت شفتهم في القسم أول يوم). الجنائيات قالولي لازم تتحجبي عشان الولاد والعساكر والضباط!! قلتلهم أنا مش محجبة ومش معايا طرحة، قالولي حتى لو مش محجبة محدش هنا بيقعد بشعره ". وتروي إحدى الفتيات: "دخلت الحجز وكان في 7 بنات جوة في الأول مكانوش بيكلموني وبعدين قعدوا يقولولي هو انت مسلمة؟ وازاي بشعرك ولابسة كده ازاي؟ وايه اللي في ايدك ده (التاتو)؟" وبعدين في واحدة قالتلي سمعي الفاتحة وسمعتها ثلاث مرات وبعدين قالتلي قولي حديث موجود في القرآن (كانت عايزاني أسمّع اقرأ باسم ربك) وقلتهالها”.

6-وصم ما بعد القبض
 
يصاحب أحيانا تجربة الاحتجاز أو السجن لأسباب متعلقة بالنشاط السياسي احساس بالتقدير لصاحب التجربة ووصفه بالبطولة أو"الجدعنة". ولكن في الكثير من الأحيان لا يصاحب القبض على النساء لأسباب سياسية الشعور بالبطولة والتقدير أو التضحية ممن حولهم أو من أنفسهن، بل تعاني بعض النساء من وصمة مجتمعية قد تؤثر لفترات طويلة على حياتهن لتعرضهن لتلك التجربة. تقول و.ع: "بعد ما خرجت بقى كل ما حد يشوفني يقولي ايه اللي حصل ده وميحصلش تاني وكأنهم بيأنبوني. مش المفروض الموضوع يخص البلد كلها”.  أما عن س.ن. والتي تم اقتحام منزلها واستهدافها من القسم قبيل مظاهرات 25 أبريل فهي تعاني من ظروف سيئة منذ سجنها الأخير بسبب مشاركتها في مظاهرة وتعاني من قيود شديدة من أسرتها على حرية حركتها وأصبحت بالفعل غير قادرة على المشاركة السياسية والنشاط في المجال العام. بالتالي، كثيرا ما تكون تجربة السجن أو الاحتجاز كفيلة بالحد من تواجد المدافعة عن حقوق الانسان في المجال العام بسبب الضغط التي قد تتعرض له من الأسرة أو المحيط الاجتماعي باعتبار أن هذه التجربة تسئ إلى سمعتها كامرأة و"تفضح" العائلة بأكملها.

خلاصة

ليس الهدف من تجميع هذه الشهادات هو توثيق حدث معين فحسب، بل هو جزء من توثيق تجارب المدافعات عن حقوق الإنسان وتوابع تواجدهن في المجال العام وأشكال الانتهاكات التي يتعرضن لها. تعرضت المدافعات عن حقوق الإنسان إلى الكثير من الانتهاكات والمخاطر التي يشاركهن فيها نظرائهم الذكور كالقبض العشوائي والضرب والمعاناة من الظروف السيئة في أماكن الاحتجاز مثل نقص التهوية والتكدس وحجز السجناء السياسيين مع الجنائيين، إلا أنهن بالإضافة إلى تلك التجاوزات يتعرضن لانتهاكات على أساس نوعهن الاجتماعي. لذلك يظل توثيق الانتهاكات التي تتعرض لها المدافعات عن حقوق الإنسان - سواء من قبل الدولة أو المجتمع - هي عملية مهمة لمجرد الاعتراف بأن هناك تجربة خاصة بالمدافعات عن حقوق الإنسان مرتبطة بكونهن نساء تستحق أن توثق. لا يعني ذلك بالضرورة أن النساء تعاني بشكل أكبر  طوال الوقت (بالرغم من أن هذا هو الحال في أغلب الأحيان) ولكن الأهم هو أن انخراط النساء والرجال في العمل العام دائما ما ينتج عنه تجارب مختلفة. من المهم رصد تلك التجارب لا فقط لأنها توضح معاناة النساء وتبرز قضاياهن، ولكنها أيضا تسمح بفهم أعمق للمجال العام نفسه والتفاعلات بداخله وعلاقة الفاعلين به ببعضهم البعض. فحتى مع غياب الأشكال الفجة من العنف ضد النساء خلال الفترة الموثقة، إلا أن تجلي الأبوية كان واضحا في ممارسات عدة ومن خلال فاعلين مختلفين، بدءا من قرارات الإفراج الممزوجة بلهجة حمائية وتهذيبية مرورا بالإهانات ذات الطابع الجنسي وصولا للتهديدات الجنسية والتحرش الجسدي. فالإنتهاكات الجنسية (قولا أو فعلا) سمة أساسية تواجهها المدافعات عن حقوق الإنسان، في الكثير من الشهادات وجهت لهؤلاء النساء اتهامات بالإنحلال الأخلاقي و"العهر" وهو ما يبرز اقتران انشغال النساء بالعمل العام ب"الإنحلال" في وعي الكثير من فاعلي الدولة والمجتمع الذي يترجمه هؤلاء الفاعلون بالحرية الجنسية. بالطبع، هناك أيضا استباحة لأجساد هؤلاء النساء من قبل بعض الأفراد في جهاز الشرطة، أو المواطنين، أو حتى السجينات الجنائيات، وهو أمر تشاركهن فيه أغلب النساء في مصر طالما تواجدت أجسادهن في المجال العام سواء كانوا مدافعات أم لا، إلا أن الحكم الأخلاقي على المدافعات قد يجعل الشعور بالاستحقاق الجنسي تجاههن أعلى.

علاوة على ذلك، لا تنتهى تجربة المدافعات عن حقوق الإنسان بانتهاء سجنهن أو حبسهن، بل في أحيان كثيرة يبدأن رحلة جديدة من الوصم والاستهداف من محيطهن الاجتماعي لتعرضهن لتجارب مثل القبض أو الحجز يراها البعض مشينة أخلاقيا بالنسبة للمرأة (بينما قد تكون بطولية بالنسبة للرجل). تكشف الأبوبية عن جميع أوجهها في تجارب المدافعات عن حقوق الإنسان بدءا من الحمائية (من الدولة أو من نظرائهم الذكور) وحتى الاستهداف على أساس النوع والانتهاك الجنسي والوصم، وضرورة تصحيح أفعالهم لتليق بالأدوار "التقليدية" المنتظرة من النساء بسبب نوعهن.

 من المهم أيضا وضع هذه الشهادت في سياق الشهادات الأخرى التي تم توثيقها خلال السنوات الماضية. فمهما اختلفت أنواع الانتهاكات وحدتها، في النهاية هي تحمل دائما في مضمونها احتقار لتواجد النساء في المجال العام وانشغالهم بالسياسة وربط ذلك بالحكم أخلاقيا عليهن والسعي لاخضاع أجسادهن.

 

الشهادات التفصيلية

الإسم: ن.ع.

تاريخ الواقعة: الثلاثاء 19 أبريل 2016

مكان الواقعة: أمام محكمة زينهم

يوميها كان عندي تغطية أمام محكمة زينهم لتجديد جلسة "جمعة الأرض". كنا عارفين إن الأهالي والأصحاب هيكونوا موجودين وكنا واقفين مجموعة صحفيين كبية والشباب كانوا لسه مخرجوش. بدأ يجيلنا شباب صغير تبع الثورة. قالولنا خدوا بالكم في "بلطجية" قدام المشرحة هييجوا يركوا عليكم إزاز وطوب. بدأت البنات وبعض الصحفيات ينسحبوا. بمجرد خروج الشباب من النيابة الشباب بدأت تهتف ولما العربية اتحركت بدا الهتاف ودي كانت الإشارة إن الضرب أو الهجوم يبدأ. أنا كنت واقفة على الرصيف المقابل للمحكمة وبدأنا نسمع الصريخ. أخدنا الكاميرات وطلهنا نجري ونشوف بيحصل إيه. معظمهم كانوا ستات اللي بيضربوا. حاولت أنزل من على الرصيف لكن الشرطة كانت راكنة والعربيات راكنة صف أول وتاني وثالث ومكنش في ممر غير من ناحية الضرب. كنت ماشية من عند الرصيف معايا الكاميرا ولابسة الشنطة "كروس"، وواحدة منهم قالتلي إنتي معاهم؟ قلتلها أنا صحفية ورفعت الكاميرا، وأول ما عملت كدة حاولوا ياخدوا الكاميرا قلتلهم لأ، وبنت منهم شدت شعري (5 ستات حواليا ومكنتش شايفة حاجة غير جلاليب سودة). البنت اللي كانت لابسة بودي أورانج وجينز ومتصورة في الإعلام بدأت تضرب والستات التانيين في رقبتي وظهري، ووأنا بضّرب، واحدة كنت سامعاها بتقولهم حرام دي صحفية سيبوها، ودي كانت ست شغالة في جراج العربيات اللي قدام المحكمة. ظهري كان مكشوف وكانوا عمالين يبصوا على ظهري. محدش اتدخل وأنا بتضّرب. عددهم كان كبير اللي بيضربوني وراسي كانت تحت وعينيا مبتطلعش فوق، الشنطة اتقطعت والفلوس وقعت. ,انا فضّلت إني أتضّرب على إني أتسرق لإني لو اتضّرب هتعالج إنما لو اتسرقت، مين هيجيبلي الحاجة؟ 

طلعت منهم معرفش إزاي - زميلي محمد إبراهيم شدني وقالي أجري وطلعت أجري وأخدت حاجتي. كنت ماشية في اتجاه المشرحة والمحكمة وفي قهاوي والستات بدأت تتحرك وشفت بعينيا الكراسي بتاعة القهاوي بتطير والسريخ شغال ورموا البنات بالكراسي وكل حاجة اتكسرت. مقدرتش أتدخل ومشيت لإني كنت عارفة إنهم هيرجعولي ويكسروني. دخلت في شارع جانبي وشفت قهوة وراجل افتكرني بشحت وقلتله أنا عايزة مترو وقالي أطلع على الشارع الرئيسي قلتله لأ فشاورلي على شارع جانبي أطلع منه على المترو ولقيت محمود زميلي وواحدة صاحبتي وهو صوّر الاعتداء عليا. ورحت قسم السيدة زينب. قالولنا إنتم جايين ليه؟ قلنا جايين نعمل محضر علشان اللي حصل عند محكمة زينهم. لقيت واحدة صاحبتي مضروبة وسلتها متقطعة وهي كانت من اللي قاعدين على القهوة. الضابط قالنا كلكم عايزين تعملوا محضر؟ قلتله لأ إحنا الإثنين بس. فقال لأ كله يطلع، قلناله دول شهود، قال لأ وكنا في الإستيفا، والملازم قالنا قولوا اللي حصل وحكينا وبعدين قالنا خليكم قاعزين، وبعدين ملازم تاني وبعدين أمين ونفس المنوال. بعدين قلتله يا باشا أنا تعبت، أنا عايزة أعمل المحضر وأمشي، قالي تبقي ترتاحي في بيتكم. ساعتها المحامي جه وبنتين تانيين تم الاعتداء عليهم فبقينا 4 بنات. واحدة مننا راحت حمام القسم، والأمين قالها لو ممشيتوش، هيتعملكم محضر آداب. إحنا كنا حاسين إننا بنتكردن في القسم والمحامي قالنا نعمل المحضر في النيابة، لإن كدة كدة إحنا بنتهم الشرطة وال"بلطجية". 

قلنالهم عايزين نمشي زخلاص مش هنعمل محضر، والضابط قالنا دخول الحمام مش زي خروجه، هاتوا بطايقكم. في اللحظة دي رئيس المباحث جه وقالنا تعالوا في الأوضة فوق. بكلمه وبقوله إنتوا كنتم واقفين وال"بلطجية" واقفين جنبكم. قالي هاتي صورة تثبت ده وتعالي إتكلمي، إحنا اتاجئنا باللي حصل زيكم وأنا صوتي اتنبح من الزعيق بحاول أفض اللي حاصل. وكدة كدة لو المحضر بتاعكم هيتعمل هيكون ضد مجهول فملوش لازمة. والمحامي قاله خلاص عايزين نمشي. فقالنا خلاص إمشوا وخدوا بطايقكم. نلنا الإستيفة وسألونا رئيس المباحث قالكم إيه؟ قلناله اللي حصل، وقالنا طب إستنوا هنا وقعدنا تاني. اتعملت مذكرة في القسم إن القسم مش رافض يعملنا بلاغات. المحامي قالنا مفيش حاجة ده حماية للقسم علشان نمشي وأنا مكنش فيا دماغ أقعد أقرا ووقعنا عليه علشان نمشي ومشينا بالفعل.

بس أنا عملت المحضر في قسم السيدة زينب أول إمبارح بعد ما الجريدة اتكلمت مع ناس شغالة في الداخلية وكلموني من الجريدة وقالولي ممكن يستدعوا الأمناء والضباط يعتذرولك، قلتلهم أنا مش عايزة اعتذار، أنا عايزة أعمل محضر. المحضر اتكتب فيه اللي هما عايزينه ومتسألتش في أي حاجة. هما خدوني على قد عقلي واتعمل ضد مجهول. قلتلهم الصور معايا باين فيها مين اللي كان بيضرب، والمحضر مكتوب فيه شتايم وأصلا مكنش في شتايم، ده كان ضرب وسرقة. قالوا في المحضر إنه كان مشاجرة عائلية ولو رجعت من بكرة (25 أبريل 2016)، هروح النيابة وأجيب رقم المحضر. وأنا هرفق الصور مع المحضر في النيابة. 


الاسم: ر.ع.

تاريخ الواقعة: الثلاثاء 19 أبريل 

مكان الواقعة: أمام محكمة زينهم 

كان يوم جلسة استئناف ال25 شاب المقبوض عليهم في مظاهرات "جمعة الأرض" (يوم الثلاثاء 19 أبريل) في محكمة زينهم وكان المفروض تبدأ الساعة 12:30 بس بدأت 12:00. بعد ما الجلسة خلصت خدنا أهالي المحبوسين ورحنا قعدنا عالقهوة اللي قدام المحكمة تأمينا ليهم عشان قبلها بيوم حصل احتكاك مع الأهالي قدام محكمة عابدين. فجأة أول ما عربية الترحيلات بدأت تتحرك سمعنا دوشة وصريخ وناس بتجري ناحيتنا فبدأنا نجري. وأنا بجري لقيت بنت من اللي كانت معانا عندها 17 سنة واقفة مش عارفة تتصرف فرجعت عشان أخدها، فجأة لقيت ستات لابسين عبايات سوداء ما عدا واحدة لابسة برتقاني وحالقة شعرها، بيتلموا عليا ويضربوني. مسكوني من شعري ومسابوهوش..وسحلوني عالأرض وفضلوا يضربوا فيا بالبوكسات والشلاليت والأقلام في كل حتة ما عدا الوش.. في رقبتي وبطني ورجلي..وكانوا بيشدوا شعري جامد جدا لدرجة ان كانت بتطلع خصل في ايدهم، كنت بحط ايدي على دماغي الاقي دم بينزل من فروة راسي من كتر ما شدوا شعري. أنا قعدت أصوت جامد فصحابي اللي كانوا معايا سمعوا صوتي ورجعوا عشان يخلصوني منهم وقعدوا يشدوني. الشد من الناحيتين تعبني بس صحابي قوموني وقعدت أجري بسرعة. وأنا بجري حسيت ان هيغم عليا فوقفت ولقيت قدامي محل بتاع كلاب وقطط رحت داخلة مستخبية في المحل. واحد صاحبنا سمع واحدة من الستات اللي بتضربنا وهي بتقول للضابط "تمام يا فندم نفذنا الأوامر".

صحاب المحل دخلوني وخبوني في المخزن وبعدين في ناس من اللي كانوا بيضربونا جم ورايا-هم كان أغلبهم ستات يمكن 10 أو 11 ست بس برضه كان في رجالة. جه راجل حجمه مرعب قعد يخبط على باب المحل ويقولي "اطلعي يا شرموطة" والناس بدأت تتجمع خارج المحل ويصوروا. صحاب المحل بدأوا يقلقوا ويبقولولي أطلع. كان في ناس برة بتطمني وتقولي أطلع بس أنا مبقيتش عارفة مين معايا ومين عليا. بعد كده في واحد دخلي المحل وقالي أنا رئيس المباحث رحت مخربشاه في ايده أنا ايه ضمني انه فعلا رئيس المباحث. قالي هركبك تاكسي وشفت واحد برة كان معانا من الصبح عرفت انه من الأهالي قلتله خليه هو يوقفلي تاكسي. ركبت التاكسي وركبت معايا بنت كانت برضه واقفة معانا من بدري قالتلي "متخافيش أنا معاكي" وقالتلي برضه ان في بنات من اللي تم الاعتداء عليهم بيعملوا محضر في قسم السيدة زينب فقلت أنا كمان هروح أعمل محضر وكانت غلطة عمري. لما رحت القسم قالولي استني شوية وقعدوا يماطلوا وكل شوية حد يسألنا هو ايه اللي حصل؟ طب هو انتوا معاكوا أسامي اللي اعتدوا عليكوا؟ كل شوية أقولهم أنا عايزة أعمل اثبات حالة ومفيش حاجة بتحصل وسمعت أمين الشرطة بيقول لبنت "لو عملتوا محضر هيتعملكوا محضر دعارة قصاده".  المحامي قالي تعالي نروح النيابة بلاش القسم وقلنا خلاص مش هنعمل محضر فأمين الشرطة قاله "لا ما هو دخول القسم مش زي خروجه" ومكانوش راضيين يرجعوا بطايقنا. بعد كده رئيس المباحث-اللي كان طلعني من المحل- حه وأخدنا في مكتبه وقالنا لو عملتوا محضر هنا هيتأيد ضد مجهول وهتتجرجروا في الأقسام عالفاضي. في الاخر معملناش محضر بس عملنا اثبات حالة ومضينا عليه ومشينا. 

لما روحت وكشفت لقيت شرخ في الفقرة الخامسة ورقبتي الوتر مشدود وكتفي مش بيتحرك. دراعي وضهري كان كلهم كدمات زرقاء وكل ما أمسك شعري يقع. هم كمان حاولوا يقلعوني هدومي وقطعوا السلاسل من رقبتي. ده أسوأ يوم في حياتي..أنا بنزل مظاهرات من 2008 وأخدت خرطوش في جسمي قبل كده بس مش زي ما تتسحلي ولما تواجهي شرطة في المظاهرات مش زي ما تبقى ناس عادية بتضربك. أنا كمان كنت محظوظة ان صحابي خلصوني بس في صحفية أخدوها جوة المحكمة وقلعوها هدومها. 

 

الاسم: س.ن.

تاريخ الواقعة: 18 أبريل 2016

مكان الواقعة:  أحد الأقسام

كنت قاعدة في البيت في أمان الله لقيت الباب بيخبط وفي مخبرين داخلين. كانت الساعة حوالي 11:30 بالليل. أنا عارفة المخبرين دول عشان المراقبة (صادر ضدها حكم مراقبة من قضية تظاهر سابقة). قلتلهم في ايه؟ هجيبلوكوا الدفتر(دفتر المراقبة) فواحد منهم قاللي احنا مش عايزين الدفتر، احنا عايزينك انت! قلتله ايه ده؟؟يعني ايه الكلام ده؟ فبدأ واحد منهم يشرحلي ان في أوامر. كان في اتنين من المخبرين أنا عارفاهم وواحد كان أول مرة أشوفه، اللي أنا معرفوش ده راح قايل يلا انت هتحكي معاها وكان هيبدأ يشدني. فأنا قلتله لا لو غلطت أنا هغلط ولو شتمت هشتم. أنا من الأول عاملة لنفسي وضع في القسم عشان ميتعاملوش معايا كده. ففي وواحد من المخبرين اللي يعرفوني قاله لا س. مبنتعاملش معاها كده..هناخدها باحترام. قلتلهم طب هغير هدومي قالولي "لا هتيجي كده باللي عليكي". أبويا مكنش موجود بس اخو مرات أبويا كان في البيت وقعد يتحايل عليهم ميخدونيش في البوكس وقالهم "والنبي بلاش البوكس عشان الجيران" وادوني فلوس وقالوا للمخبرين هي هتركب تاكسي على حسابها وفعلا ركبت تاكسي. 

رحنا القسم وكان في اتنين مخبرين وضابط المباحث. سألوني المسيرة اللي فاتت دي مين اللي كان مطلعها ومين كان فيها (15 أبريل) قلتله معرفش كان فيها شعب مصر كله وأنا معرفش أسامي أنا صلتي اتقطعت بكل الناس اللي كانوا معايا في القضية ومعرفش حاجة. واحد منهم قاللي هاتي عناوين البنات اللي كانوا معاكي في القضية قلتله أنا معرفش حد ومعرفش عناوينهم ولا هم يعرفوا عنواني..قاللي "ازاي يعني؟ مجوش زاروكي لما خرجتي؟ " قلتله لا محدش بيزورني ومش بيزور حد. وبعدين هو استفزني جدا وأنا لما حد بيستفزني مبعرفش أنا بقول ايه...بقول كلام يضايق اللي قدامي، فرحت قايلة له "أنا حتى لو أعرف حاجة مش هقولك". بس.. أنا قلت كده ولقيت أقلام وشلاليت واهانات. التلاتة كانوا بيضربوني ..الأول كانوا بيضربوني بالإيد وبعدين بالرجل وخبطوني في دقني وبعدين لقيت خشبة على ظهري و خشبة على كتفي. ضربوني في كل حتة فعلا وكانوا بيضربوا تدريجيا كأنهم بيستعدوا للحرب. وقالولي ألفاظ قذرة..بالأب والأم و"انت عاملالي فيها راجل يا بنت كذا". 

بعدين بابا جه أول ما دخل وشاف منظري راح موطي على ايد الضابط يبوسها وقاله "ابوس ايدك سيبها هي متعرفش حاجة أنا حابسها مبخرجهاش من البيت". أنا أول ما شفت بابا بيبوس ايد الراجل اتجننت وقعدت أقوله متبوسش ايدهم دول كلهم كلاب وبهدلت الدنيا. فضلت قاعدة في القسم لغاية 4 الصبح مثلا. وبعدين رئيس المباحث جه وهو ده اللي بيمضينا، ده راجل سكرة. لما دخل لقاني قال مين دي ؟ معرفنيش من منظر وشي وحكيتله اللي حصل وقال هاتوهالي عالمكتب وحصلته قعد يزعق للمخبرين وقالهم "اللي حصل ده ميتكررش تاني" و"هي كويسة معانا ولو في حد كلمها هتقولنا". بس تاني يوم رحت المراقبة وكتفي وارم ومزرق ووشي باين عليه. كنت هصور نفسي وأنزلها عالفيسبوك بس بابا قعد يقوللي بلاش وعيط..صعب عليا. 

 

الاسم: م.ح

تاريخ الواقعة: الاثنين 25 أبريل

مكان الواقعة: أماكن متفرقة في الدقي

كنا قاعدين في كافيه  في  المساحة أنا ومجموعة من الأصدقاء. لما المظاهرة ابتدت في ناس مننا نزلت، أنا واتنين تانيين من أصدقائي الولاد ي. و م. منزلناش. فضلنا قاعدين في الكافيه . بعد الشوية الضرب ابتدى عالمظاهرة والstaff   بتاع الكافيه  دخلنا جوة – المكان في قاعدة برة قاعدة جوة- بس لقينا ان المكان جوة اتملا فدخلنا اللوبي  (هي وي. وم.) بتاع فندق جنب الكافيه . كنا شايفين من برة ان في حملات قبض وبيقبضوا عالناس فقعدنا في اللوبي بتاع الفندق وطلبنا حاجة نشربها. الStaff   بدأ يبص عليهم  ويلقح كلام انه الناس اللي برة دول تافهين وفاكرين انهم هيغيروا حاجة. واحد من صحابي اللي كانوا معانا قال ان في واحد شكله مخبر وانه مش مستريحله فقلتله خلاص نقوم نمشي. جينا نخرج كان المخبر ده جه ورانا ودخلنا جوة تاني وقالنا "بطايقكوا". طلعونا في الاسانسير بتاع الاوتيل في أوضة فوق بتاعة شرطة السياحة، وقفونا في الممر ودخلوا واحد واحد. المخبر كان بيتعامل مع الضابط اللي جوة بأداء "شفت..جبتلك تلاتة أهو". طلبوا مني أدخل وكان معاهم بطايقنا ..مكنش في حد لابس يونيفورم غير واحد دخل الاوضة في النص وطلع. الضابط اللي جوة (كان لابس مدني) سألني نعرفي م. وي. منين؟ قلتله دي حاجة متخصكش..قالي "لازم تردي انت مش عارفة أنا مين. أنا ضابط" قلتله طب هو أنا متهمة بحاجة عشان تحقق معاياَ! قالي لأ دي دردشة ..قلتله اني مش عايزة أدردش معاه. بعدين طلب يفتش الشنطة قلتله لا مش من حقك تفتش شنطتي. هو اتضايق جدا وقالي "انت عايزة ايه يعني؟ عايزة اذن نيابة؟ طيب؟" وقام غاب شوية وقال للمخبر ياخد موبايلاتنا، مرضتش أديله موبايلي وعرفت أكلم أخويا وبابايا وكان بابايا اتحرك عشان يجيلي. المخبر قعد يقولي انت عملتي كده ليه، لو كنت سبتيه يفتش كان زمانكوا مشيتوا. 

بعد شوية جه واحد من الضباط قاللي هتمشي وكان معاه اتنين بودي جاردز. وكان في اتنين مخبرين أخدوا ي. وم. من حتة تانية. عرفت بعد كده انهم نزلوني من اسانسير الstaff  مع الضابط والاتنين بودي جاردز ونزلوا م. وي. مع المخبرين من السلم. قلتلهم احنا هناخد بطايقنا امتى قالي تحت..فهمت اننا مش مروحين. طلعنا برة باب الفندق قلتلهم أنا مش هتحرك غير لما بابايا بجي، كان في عربية قدام الفندق مدية فلاشر كنت قايلة لبابايا اني واقفة عندها، طلعت دي أصلا العربية اللي مجهزينها عشان توديني القسم. كانت عربية من بتوع الفندق، ليموزين بتكيف وجه بابايا وركب معايا ومعانا الضابط والمخبر. وأخدوا ي. وم. في عربية تانية. 

وصلنا على القسم  ودخلت المكتب كان في اتنين لابسين مدني واحد منهم عرفت بعدين انه كان ضابط أمن وطني.لما دخلت كان في كرسي فاضي، قعدت قالولي "قومي". بابايا دخا معايا ومسابنيش طول الوقت.أخدوا تليفوني وقالولي فين الواتساب قلتلهم مش بستخدمه ومفيش فيسبوك على الموبايل عشان مبستخدموش كتير. الموبايل فصل وهو بيفتحه وحطه في الشاحن. سألوني لما انت ساكنة في مصر الجديدة ايه اللي جايبك المساحة قلتلهم عادي زي ما بخرج في أي حتة...قالولي بس انهارده قلق..قلتلهم بالعكس الأيام القلق دي بحب أنزل فيها عشان الشوارع بتبقى فاضية. بعدين دخلوا ي. وم. وأخدوا تليفوناتهم وي. رفض يفتح تليفونه. بعدين فضلت واقفة في طرقة صغيرة قدام الأوضة وكان في شباب كتير أوي- مشفتش بنات. المخبر قعد يقولي فيما معناه ان أنا السبب في اللي احنا فيه.بعدين الظابط نداني وأخد اسمي ورقم تليفوني ورجعلي الموبايل ومشاني. سألت عاللي معايا هيحصلهم ايه، تجاهل السؤال وقالي بحزم "اتفضلي". أغلب الناس تعاملوا معايا كويس جدا ومكنش في عنف بس كان معايا بابايا ويمكن كانوا حاسين اني مسنودة. احنا اتاخدنا الساعة 4 او 5 يمكن وطلعت على 8:30، بس هو عنصر الزمن مكنش واضح أوي. 

أنا لسة عندي شوية بارانويا من يومها، وأنا ماشية بحس اني متراقبة أو لما حد بيبصلي أوي ببقى مش فاهمة ده مخبر ولا متحرش!

 

الاسم: ف.ع.

تاريخ الواقعة: الاثنين 25 أبريل

مكان الواقعة: ميدان المساحة- الدقي

تابعت الدعوات المختلفة لمظاهرات اليوم للنعبير عن رفض التنازل عن الجزر المصرية وكان المقرر أن تكون التجمعات فى ثلاث اماكن دار الحكمه -تقابة الصحفيين - أمام مترو البحوث فى الدقى وكنت قررت الانضمام إلى تجمع نقابة الصحفيين ،ومنذ قبل 25أبريل بأيام والامن يغلق مداخل منطقة وسط البلد وتشديدات أمنية وصلت لذروتها فى صباح يوم 25أبريل حتى تداولت الاخبار أن الوصول لنقطه التجمع امام نقابة المهندسين برمسيس وبالتالى نقابة الصحفيين اصبح شبه مستحيل فى ظل الاغلاق شبة التام للشوارع المؤدية إليها ،وظلت التساؤلات تطرح من الشباب أين الأماكن البديلة للتجمع حتى طرح ميدان المساحة بالدقى كمكان للتجمع، وتوجهت الى ميدان المساحة حوالى الساعة الثانية ظهرا وكانت قد تواترت أخبار عن مظاهرة فى شارع ناهيا وهجوم الأمن عليها وعن عمليات قبض ومطاردات فى محطة مترو البحوث ، ودخلت الميدان فوجدت تجمعات من الشباب تقدر بعدة مئات وبدأت المظاهرة والهتاف.

  بعد دقائق معدودة بدأ هجوم الأمن على المظاهرة وتفرق الشباب فى الميدان والشوارع المتفرعة منه ودخلت جريا وسط أعداد من المتظاهرين الشارع المؤدى من ميدان المساحة إلى مطلع نفق العجوزة أمام فندق شيراتون القاهرة ولم نصل إلى منتصف الشارع حتى فوجئنا بهجوم الأمن من الجهة المقابلة أيضا وبذلك تم حصارنا فى الشارع «كماشة» وحاولنا البحث عن مخارج فاضطررت إلى الدخول إلى أحد مداخل العمارات ومعى مجموعة من حوالى 15شخص حوالى 12منهم من الفتيات وحوالى 3شباب  بينما كانت تدور بالخارج حركة ومشادات ومطاردات، ثم دخل أفراد الأمن إلى المدخل حوالى 6 أو 7 أفراد بزي مدني وبدأوا بالشتائم القذرة والسب للجميع وخاصة من كان يجرؤ بالسؤال أو الرد وسحبوا بطاقاتنا الشخصية واقتادونا الى الخارج لنجد سيارة ميكروباص ووجهونا لركوبها والملفت هنا هو أن نفس الأشخاص الذين كانوا يسبونا بأفظع الشتائم عندما خرجنا للشارع كان حديثهم معنا عكس ذلك حيث "اتفضلى ،اركبى لو سمحتى !!" وكان عدد من ركبوا حوالى 12جميعهم فتيات ماعدا شاب واحد والباقى لم أعرف عنهم شيئا وعندما سألنا أبلغونا اننا سنتوجة إلى القسم .

 كان ركاب السيارة من الفتيات جميعا ماعدا شخص واحد أخبر الضابط انه صحفى وانه يريد ان يأخذ معه معدات التصوير التى تخص الموقع الاخبارى الذى يعمل به ولكن الضابط رفض واجبره على ركوب السياره، وبعدها توقفت السيارة فى ميدان المساحة حيث كان التالى :-*كانت مازالت عمليات القبض على الشباب مستمرة واقتيادهم لسيارات « ميكروباص » بمنتهى العنف و تعرض كثير منهم للضرب أثناء القبض حيث كان كل 4او 5 اشخاص من الامن يمسكون بشاب واحد   * وجدنا احد أفراد الأمن يقتاد فتاة تبدوا ملامحها اوربية وقالت لنا فيما بعد انها فرنسية واسمها جيلينا وهى مراسلة للوكالة الفرنسية وعدة مواقع اخبارية وأثناء اقتيادها كانت تطلب الاتصال بالسفارة الفرنسية.  *تم انزال الشاب الوحيد الذى كان معنا وأيضا لم أعرف إلى أين ذهب. *تعرضت احدى الفتيات لأزمة تنفس شديدة وحاولنا اسعافها قدر الامكان* بعد مداولات كثيره بدأ يتردد انهم سيتركونا نذهب ولكن  ليس فى الميدان وسالت الضابط عن ذلك فقال لى نصا «الناس بتوعنا ماليين الميدان ولو نزلتوا هنا وعرفوا انكم كنتوا فى المظاهرة هتتقطعوا ومش هيسيبوكم تخرجوا سالمين » 

وبعدها توجهت السيارة الى القسم  وتركونا ننزل فعلا وسط تردد كلام حول أن القسم لا يوجد به مكان من كثرة عدد المعتقلين بداخله ولكنهم رفضوا تسليمنا البطاقات الشخصية رغم الحاحنا الشديد وكان الرد «ابقوا تعالوا بعد كام يوم اسالوا عليها » واضطررنا للانصراف بعد الرفض التام لتسليمنا البطاقات.

 

الاسم: ن.أ

تاريخ الواقعة: الاثنين 25 أبريل 2016 

مكان الواقعة: أماكن متفرقة

القبض كان عشوائى.. من قهوة.. ماشى من شارع.. ماشى من مترو..  مش مهم سن اللى بيلاقوه قدامهم بياخدوه ويتحط فى ميكروباص وانا راجعه لقيت ولد بيشاورلى انه مقبوض عليه عرفت اسمه بعد كده. رحت وقفت جنب الميكروباص اللى هو فيه باخد رقم تليفون حد من اهله امين شرطة جالى وبيقول بطاقتك بقوله انت مين قال مباحث طالبته بالكارنيه لاثبات ده جه يغلط زعقت له قالى طيب تعالى عند رئيس المباحث رحت له واحد راح مميل على ودنه لقيت رئيس المباحث بيقولى اهلا تعالى احنا بندور عليكى  ]من مظاهرة سابقة[اركنى على جنب اخد موبايلى وبطاقتى وبعد شويه ركبت مع الجدعان فى العربيه وزى ما يكونو لقو الهدف راحو رايحين بينا على القسم.

فى القسم  منضربناش بالعكس كانوا بيعاملونا كويس حتى انا كنت مستغربه من المعاملة وقلقانة وبقيت بقول للجدعان اللى معايا احيه هيعملو فينا ايه وفجأه لقيت حد من صحابنا اد متاخد وكانو حاطين فى ايده  حاجة كده زى الكلابش البلاستك وجم يقطعوه جابو حاجة عامله زى السكينه الكبيرة والامين اصلا اتعور فى ايده وبرضه عادى وبعد شويه لقيت ط.س  وأ.ط  (أ.م) شالينه وجايبينه حطوة على ترابيزة كان فيه دكتور متاخد كشف عليه وقال لهم النبض بيروح فضلت ابكى الامين زعق لى وقالى ابعدى كنت خايفة ان حد يروح مننا بقيت انده عليه أ.م  رد عليا الظابط لقانى منهارة قالو هاتوه فى غرفة تانى وبقيت مش عارفة اروح هناك بعد شويه أ.طت جانى لوحده ايه يا أ. عملتو ايه قالى الحمد لله سابوه يمشي قلت الحمد لله انه مشى وشويه لقيت ع. ف معانا وابتدوا يجيو فى ناس كل شويه ناس تيجى لحد مكنش فيه مكان فبقو يحطو الناس فى البلكونة والطرقات اللى بين الغرف ولقيتهم قابضين على بنت وبعد شويه نادوها ومشيت وشويه نادونى فى غرفة رحت لقيت واحد لابس مدنى فين تليفونك قلت له ده قالى ماشى اتفضلى وانا خارجة من الغرفة لقيته بيقولى خلى بقى 6 أبريل تنفعك رحت راجعه وقلت له انا مش فى 6 أبريل ولو انا فيها مش هنكر قالى امال انتى تبع ايه وفى ايه قلت له انا مستقله ومش لازم اكون تبع حاجة قالى اتفضلى شويه لقيت واحد بيقولى انتى كنتى فى مظاهرة قلت له لا انا ممشيتش فى مظاهرة وحكيت تفاصيل القبض عليا قالى بس كنتى رايحة مظاهرة قلت له هى الحكومة بقت تحاسب كمان الناس على النيات وضحكت حطونى مع الشباب لقيت امين شرطة بيعزم عليا بسجاير وشاى واكل ولما قالى احنا مش حارمينك من حاجة قلت له يا خوفى بص انا ميعاد نومى عدى عايزة انام ضحك وقال طيب نامى تحت الترابيزة (جنب اصحابنا الجدعان) نمت شويه ولقيت حد من الجدعان بيغطينى بالجاكت بتاعه قمت من النوم مفزوعه وقلت له انا كده راح النوم من عينى وضحكنا كنا مبسوطين اننا بنقوى بعض وفى ضهر بعض شويه وبقو ينادونا ودونى غرفة تانى فيها ناس لابسه مدنى ونفس السؤال فين تليفونك تعرفت على التليفون وسألنى تانى هو احنا قصرنا معاكى فى حاجة قلت له لا انتو مش بتقصرو فى حاجة بصراحة مع ابتسامة قالى قالى المفروض تكونى اختنا قلت له تشكر وضحكت تانى قالى اتفضلى ودخل بعد منى ع.ف  ولما خرج ع. بقوله ايه اللى تم قالى سألونى عنك قلت لهم معرفهاش فأمن الدولة اصدر قرار اى بنت تمشى فيما عدا أنا  قلت له الحمد لله طبعا بعد التحقيق بقو يقسمونا دول هيخرجو ودول مش هيخرجو على تانى يوم حطونا فى الصالة كنا 74 شويه شويه بقو يزودو علينا لحد ما وصلنا ل86 حطو الكلابش فى ايد الشباب كلهم كل اتنين فى كلابش طبعا كان فيه شباب بتقرا قرآن وشباب بعد القرآن تغنى اغانى الشيخ امام وشويه نضحك وشويه نتكلم لحد ما النيابة ما جت لينا القسم طبعا التحقيقات مسخرة اول سؤال بيسأله ليك وكيل النيابه انت فى حزب او حركة تانى سؤال ايه رايك فى الاخوان وباقى الاسئله طبعا هما بيجاوبو عليها من نفسهم ومن غير ما يقولو طبعا كل اللى مقالش انا فى حزب خرج اخلاء سبيل بكفالة كل اللى اعترض او قال انه فى حركة اتحبس بعد التحقيق عرفت اننا اخلاء سبيل بس فوجئت ان كل الشباب مشيو من القسم راحو المعسكر وانا فضلت فى زنزانه القسم لحد ما مشيت يوم 28 مايو 2016.

 

الاسم: و.ع

تاريخ الواقعة: الاثنين 25 أبريل 2016

مكان الواقعة: أماكن متفرقة في أسوان

قبل يوم 25 بفترة كان فيه صفحات بتدعو للنزول. أنا كنت رافضة النزول يوم 15 بس كان عندي قناعة ان لازم ننزل يوم 25 عشان فيه حالة كده ان محدش يقدر يتكلم ومحدش يقدر يعارض واللي هينزل هيتاخد ومفيش معارضة حقيقية. فأنا كان عندي قناعات ان لازم ننزل يوم 25 بغض النظر مين نازل عشان نقول لن في  معارضة واننا نقدر نتكلم وان مينفعش الاتفاقية تتعمل بالطريقة دي اللي اتعملت بيها، فكنت مقررة اني هنزل.نزلنا زي ما كانت الدعوة بتقول بس ملقتش حد وكلنت الدوريات بتلف. 

بعد شوية لقيت ناس قليلة أعرفهم بدأوا يتجمعوا ضميت عليهم وقلت نستنى شوية نشوف يمكن الناس تيجي. بس واضح ان من اللي كان حاصل قبلها والناس اللي بيتقبض عليها في ناس كتير خافت تنزل. فكرنا نعمل ايه قلنا ممكن نعمل وقفة ونجيب ورق نكتب عليه واحنا كنا 7 يعني مش كتير أوي وميعتبرش تظاهر بالقانون فمش ممكن يقوقوا اننا بنعمل اثارة شغب وكده. وفعلا جبنا ورق وكتبنا عليه "تيران وصنافير مصرية" وشعارات تانية. أول ما وقفنا بعتو افراد الأمن يصوروا وبعدين جه واحد شكله أمن جدا قعد يقولنا "جايين هنا ليه؟ شكلكوا مش من البلد؟" كان واضح ان الأمن باعت ناس يفتعلوا خناقة لأن مش هيعرف يقبض علينا بتهمة التظاهر. فجه بعد كده الضابط اللي المفروض جاي بفك الاشتباك يعني قالنا بطايقكوا وكده وأنا مديتلوش البطاقة قاللي اتفضلي يا ا. كان عارفني أصلا. ساعتها كان حد بلغ ابن عمي اني اتمسكت فيه عشان يعرف في ايه قالوله لو عايز تعرف تعالى معانا وركبوه البوكس. 

الضابط قاللي اركبي البوكس قلتله أنا مش هركب البوكس ده في ناس كتير جدا. البوكس كان مليان عالاخر كان في أفراد أمن والسبعة اللي كانو اقفين فمرضتش أركب. هم كانوا موقفين أفراد أمن كتير جدا يمكن 150 واحد واحنا كلنا 7 أصلا. الضابط كان محترم معايا وركبني العربية وقعدت فيها ساعة الا ربع من غير ما نتحرك مفيش منفذ هوا. وبعدين اتحركنا وكان راكب معايا بس سواق وفرد أمن وقعد يلف بي كتير عالكورنيش قلتله انتوا واخدني على فين قاللي معرفش، ساعتها بدأت أخاف  معرفش ممكن يحصل ايه. بعدين وقفنا عند نادي الشرطة شوية وقعدت أتكلم مع السواق قلتله احنا معملناش حاجة غلط قعد يقوللي "أنا عارف بس حكم القوي". بعدها رحت البندر ولقيت الشباب موجودين.قعدونا جنب مكتب مدير المباحث وبصراحة المعاملة مكنتش وحشة خالص. وبدأت الناس اللي تعرفني تتجمع برة البندر. أخدوا موبايلاتنا وخدوا منها النمر وكده. بعد كده دخلت المكتب وكان في رئيس المباحث العامة في مديرية الأمن،  قاللي "انت عشان بنت ومن الصعيد  مش هنقبل ان احنا نحط اسمك في محضر" وكمان كنت مرشحة مجلس شعب . وبعدين قعد ياخد ويدي معايا في الكلام وقاللي انتوا ليه معارضين وقلتله مينفعش جزيرتين يتباعوا كده حتى لوهم مش مصريتين كان لازم يكون في حوار والشعب يبقى عارف اللي بيحصل. بعد كده قالولي احنا هنسيبك وقلتلهم ابن عمي يطلع معايا هو أصلا ملوش دعوة هو جه عشان عرف ان أنا اتمسكت. ده كان احنا اتمسكنا الساعة 7:30 وفضلنا قاعدين لحد 12:30 كده وبعدين مشينا. بس هم حصل عليهم ضغط جامد وتليفونات من شخصيات عامة نوبية ومن الاتحاد عشان يطلعوني. الحقيقة البنات فضلوا مستنيني لحد الساعة 12:30 بالليل لغاية ما طلعت، كان في بنات متواجدة من مبادرات نسوية وشبابية وانتظروا خروجي لساعة متأخرة بالرغم من ازعاج الناس اللي حواليهم على اساس انهم بنات مينفعش يتأخروا ودي مش حاجة سهلة عندنا، مش ممكن أنسى ده.

بس في حاجة حصلت جوة  وهو انه أخويا مع انه محامي يعني زعقلي قدام الظباط مش عارفة ده عشان يهديهم عليا ولا ايه. انت عارفة ساعات الأهل لما بيزعقوا للبنت قدام الأمن بيهدوا عليها. بس كمان من ساعة ما خرجت بقى كل ما حد يشوفني يقولي ايه اللي حصل ده وميحصلش تاني وكأنهم بيأنبوني. مش المفروض الموضوع يخص البلد كلها.

 

الاسم: ب.م

تاريخ الواقعة:الاثنين 25 أبريل 2016 

مكان الواقعة: أماكن متفرقة

يوم 25 ابريل كان عندي تكليف من المؤسسة اني أعمل تقرير عن وضع المظاهرات حوالين نقابة الأطباء ونقابة الصحفيين. أنا شغلي كان ساعتها في جاردن سيتسي، نزلت شارع القصر العيني ولقيت الدنيا مقفلة خالص من الأمن عند نقابة الأطباء. فمشيت عشان أروح عند نقابة الصحفيين وأنا ماشية قابلت زميل لي قابلني في القضر العيني وقالي هيمشي معايا عشان القلق. أول ما وصلنا عند سور الجامعة الأمريكية قبل حتى ما ندخل الميدان لقينا الدنيا كلها مرشقة أمن، احنا تقريبا كنا البني ادمين الوحيدين الطبيعيين. في ناس لابسين مدني وقفونا وطلبوا البطايق. قلتلهم أنا صحفية، أخدوا البطايق والكارنيهات وقالولنا لازمي ترجعوا والطرق كلها متقفلة فقلناله هنرجع فين كده هنتسوح. ساعتها أنا بدأت أقلق وكلمت غرفة عمليات نقابة الصحفيين فهمتهم اني متوقفة والبطاقة مسحوبة وقالوا هيتابعوا معايا. 

كانوا عايزين يرجعونا من شارع محمد محمود بس احنا مرضيناش خالص نروح من شارع   جانبي عشان منتسلمش وقلناله لو هتعدينا ودينا من شارع رئيسي فيلمونا لكمين تاني عند هارديز عشان نعدي وقالهم دول صحفيين عايزين يعدوا. قعدوا يسألونا أسئلة كتير ونفس السؤال يتعاد كذا مرة "انتوا هنا بتعملوا ايه" و "ايه اللي نزلكوا" وقعدوا يفتشوا في شنطتي ويقلبوا فيها وواحد منهم قال "لو رايحين تتظاخروا قولولنا عادي. وأنا وضحت كذا مرة اني صحفية وبغطي.الضابط قالنا انتوا متوترين من ايه، خايفين كده ليه، فقلناله انتوا مكدريننا وموقفينا عشان كده متوترين. وبعدين تليفوني رن ولما رن اتجننوا وقالوا عايزين التليفونات وقلنالهم لا في الأول قالوا هناخده وهنفتحوه فزميلي اداهم التليفون، هو كان معاه النوكيا الصغير فعادي. المشكلة كانت عندي أنا، وقلتله لا مش هفتح فراح قايل كده هنضطر نتعامل معاكي بشكل تاني وحرزوا التليفونات. 

رحنا قصاد عمر مكرم لقينا عربيات ترحيلات فركبوا زميلي وقلتلهم أنا هروح فين قالولي هتعرفي كمان شوية. رجعوا بي على ميدان التحرير تاني لقيت شرطة نسائية، دخلنا هارديز كان مله أمن مفيش عاملين.فتشت في هدومي وأماكن حساسة وبعدين فتشوا شنطتي تاني وكان فيها ورق شغل مهم قطعوه. بعدين قالولي تاني أفتح التليفون وقلت لا، الضابط قالي هقعد ادخل الباسوورد غلط لغاية ما يبوظ قلتله ماشي اعمل كده. والست قالتلي لو مفتحتيهوش هنفتحه بالعافية، قلتلها انت كده بتهدديني. طلعت وطلبوا من أمين الشرطة يعمل حواليا كردون بالحواج عن اشارة هارديز كده.فضلت واقفة ساعة في الشمس الجو كان حر جدا. عدى كذا حد أعرفه واحد منهم صحفي زميلي جه كلمني فالأمين قاله تعرفها قاله اه زميلتي فركبوه عربية الترحيلات. بقيت أحاول أخبي وشي من أي حد يعرفني معدي عشان ميخدوهوش. ركبوني ميكروباص أبيض مع اتنين أمناء شرطة واحد قاعد قدام وواحد ورا, فضلوا يلفوا في وسط البلد ومش بيقولوا هنروح فين. في عبد المنعم رياض ركبوا واحد شكله بلطجي أو مسجل خطر كان شكله رايح عالقسم. كان راكب ورايا وركب معانا ظابط قعد يضرب في جامد جدا. حاولت أتكلم بس معرفتش أتدخل. لفوا لفة كمان وبعدين رحنا عند دخلة الميدان من ناحبة المتحف. كان في عربية للBBC   بتغطيسحبوا التراخيص ومشوا العربية بس مقبضوش على حد. بعدين راحوا بي على عبد المنعم رياض وركبت عربية ترحيلات وقعدت ساعة لوحدي وبعدين جه ضابط قال لأمين الشرطة ركبها عربية تانية ولقيت فيها الولدين زمايلي وأربع شباب تانيين منهم ولد في تانية ثانوي كان بيعيط وبيقول انه كان رايح الدرس. بدأت أعيط مش عارفة رايحة فين وايه اللي هيحصل، بفكر في بنتي والبيت. اتحايلت على أمين الشرطة عشان أتكلم من تليفوني مرضيش. بس رضي يديني تليفونه أعمل مكالمة وقالي لازم تراضيني. لقيت ك. (زوجها) تليفونه مقفول كلمت بابا قلتله أنا مقبوض عليا أنا واتنين تانيين ومش عارفة رايحين فين، بلغ ك.. وصلنا احدى معسكرات الأمن المركزي وأنا فعلا اترعبت لما عرفت اننا فيه لأن سمعته معروفة. سألت أمين الشرطة هما هيضربوني قالي لأ مش بيضربوا بنات  وقالي معلش ده مش ذنبنا هي التعليمات عندنا ان لو دبانة عدت من ميدان التحرير نوقفها. 

دخلت التحقيق، كان في اتنين من أمن الدولة يألوني اسمك ايه وبتشتغلي فين وبتكتبي في ايه. سألوني ايه علاقتك ب6 ابريل قلتلهم مليش علاقة في ناس منهم صحابي بحكم شغلي كصحفية وهم حركة. وسألوني ايه اللي كان موديكي ميدان التحرير كذا مرة وكررت اني صحفية وبغطي. ظابط الأمن الوطني قاللي في الآخر ظابط المباحث عبيط أوي عاملك قرن غزال (سلاح أبيض) وانت جاية في قضية كده كده. سألته لو ممكن أعمل مكالمة تليفون قالي لا، قلتله المفروض ده لو تحقيق يكون معايا محامي، قال حاجة فيما معناها ان لسة في تحقيقات كتير. طلعوني تامي عربية الترحيلات على ما يحققوا مع الولاد قعدت أربع ساعات وكنت سامعة زعيق جوة والضابط كان بيطلع يتكلم في التليفون ويدخل. بعدين طلعوني تاني من عربية الترحيلات والضابط قالي عشان متقولوش علينا جبابرة شكلك عطشانة وممكن تقفي هنا عشان في العربية حر. بعدها بشوية ضابط دخلني مع الولدين وقالنا احنا اسفين احنا مبنعملش كده مع الصحفيين ومش بستهدفكوا دي بتبقى غلطات فردية لضابط مباحث مش فاهم حاجة. وبعدين قال لزميلي انت كان معمولك قضية تزوير بس خلاص المحاضر دي اعتبروها اتقطعت ومتنزلوش بعد كده بعداوة معانا. سألتهم عالأربع شباب التانيين اللي كانوا معانا هيخرجوا امتى قاللي "هيخرجوا..ولا تحبي تستنيهم". واحنا ماشيين كان في عربية ترحيلات جايبة عشر شباب تانيين المعسكر. ركبت العربية ونزلونا في الصحراء في حتة منعرفهاش ووقفنا عربية عشان نروح.

 

الاسم: م.ع.ع.

تاريخ الواقعة: 25 أبريل-28 أبريل  2016

مكان الواقعة: أماكن متفرقة

"كنت المفروض هنزل المسيرة في ناهيا بس ملحقتش أروح. نزلت  ومكنتش أعرف المكان بالظبط، كان في كوبري مشاه كنت فاكراه كوبري مترو بس طلع طوبري مشاه . وأنا نازلة من عالكوبري فجأة لقيت ناس بتتلم طلعت تاني لقيت واحد بيشدني وبعدين في واحد مكنتش أعرفه ساعتها بعدين عرفت ان اسمه ز. دخل يدافع عني وقاله دي اختي ونزلنا تاني من عالكوبري (من الناحية التانية) لقينا مجموعة كبيرة بتجري وقالولنا اجروا  ]في الأغلب كانت مسيرة ناهيا اتفضت وبدأ الكر والفر [. بدأنا نجري بس في ظابط أو أمين مباحث جسمه كبير مسكنا من قفانا وطلعنا من عالكوبري ونزلنا تاني ]هي و ز.[ من الناحية الثانية اللي نزلت منها أول مرة. مأمور القسم أخد الموبايل والشنطة والبطاقة وحطونا في ميكروباص وخدوا معانا واحد كان ماشي ورانا كده. أنا فعلا مش فاكرة اللي حصل بالظبط في الوقت ده مش عارفة ازاي، كان في مسك كتير بس مش عارفة لو حد ضربني او تحرش بي..فعلا مش فاكرة. بعد ما دخلنا أمناء المباحث طلعوا الميكروباص وقعدوا يشتموا جامد وكنا متكلبشين و ز. كان ماسك ايدي بيقولي "متخافيش" راح الأمين مزعقله قاله "انت بتقَفِش في ايه؟!" وقعد يزعق جامد ويشتم. اتحركنا في الطريق للقسم وعدينا على مصطفى محمود شفنا وقفة مشغلى تسلم الأيادي و عاملين مسرح (stage) وعمالين يرقصوا واحنا متكلبشين جوه. 

رحنا القسموأول ما دخلنا قفلوا علينا الباب وقالولنا محدش هيعرف مكانكم هنا. دخل بعد كده ملازم قال عليا أنا وز. وواحد كمان ماشي التلاتة دول 6 أبريل والباقي دول (كان بعضهم بدقون) أخوان. دخلنا بعد كده أوضة رئيس المباحث وبعدين خرجونا تاني ودخلونا واحد واحد. كل ده كانوا مكلبشينا اتنين اتنين وبعدين كلبشونا كلنا في بعض.. أخد الموبايل وقعد يبص عليه ملقاش واتساب قعد يبص عالصور كان في أكتر من 300 صورة قعد يبص عليهم واحدة واحدة تقريبا حتى الصور الشخصية واحنا في عيد ميلاد مثلا ويقولي "ليه شكلكوا غريب هنا؟" "كنتوا بتعملوا ايه؟" بس كان محترم. 

بعد كده دخلنا لحد تاني يحقق معانا الأول أخدوا ز. وبعدين أنا. المعاملة كانت مختلفة، أنا جيت أقعد قالي ايه ده قومي أوقفي وقالي افتحي الفيسبوك قلتله معنديش فيسبوك وقعدت كل شوية اديله باسوورد غلط كنت بحاول أضيع وقت عشان عارفة ان في الوقت ده صحابي بيحاولوا يقفلوا الأكاونت وعلى ما عرف يدخل كان فعلا الأكاونت اتقفل بس قالي في ناس كتير كاتبة عنك عالفيسبوك وسألني انت تعرفي الحرية للجدعان منين عشان يكتبوا عنك؟ قلتله أنا معرفهمش. كنت كل شوية أسأل "أنا امتى هكلم أهلي" وراح قالي "انت دورك هنا تجاوبي بس" ...تحس انك قليل أوي. وبعدين قالي انا زي أخوكي الكبير وقوليلي اللي حصل كنتي بتعملي ايه قلتله أنا كنت نازلة أتفرج. قعدنا برة تاني متكلبشين وكانت طرقة طويلة وفيها أوض كتير ودخلت بعد كده للأمن الوطني ورئيس المباحث قالولي قوليلنا اللي حصل وبلاش تستهبلي وتقولي معرفش وكده ده مش هيفيدك في حاجة ، ساعدينا يا اما هنلبسك تحريات زي الزفت. قالولي انت أخوان ولا 6 أبريل؟ قلتلهم أنا أكيد مش أخوان يعني وفعلا أنا مش 6 أبريل برضه! وبعدين واحد منهم قالي انت مفيش فيكي فايدة. سألني على اسم حد من 6أبريل ولو كنت اعرفه وقلتله لا، أنا فعلا مكنتش أعرفه. بعد كده دخلت لز. وهو بيتحقق معاه كانوا مقعدينه على ركبه وكان بيعيط..غالبا اتضرب. وقالولي أبص في عينه وأقول أعرفه ولا معرفوش. احنا كنا متفقين اننا هنقول ان احنا نعرف بعض من الانترنت ونازلين نتقابل وملناش دعوة بحاجة بس أنا حسيت ان هو دخل بسببي لأنه كان بيدافع عني وملوش دعوة فعلا...فقلت معرفوش يمكن يطلعوه هو. 

بعد كده طلعنا برة تاني في الطرقة وكنا كلنا متكلبشين وقعدنا نتعرف على بعض. كان في شوية اسلاميين بدقون وكان في واحد نازل يقابل خطيبته أصلا ملوش دعوة وواحد عنده محل زلابية في المنطقة ملوش دعوة بحاجة برضه وكان في واحد أصلا عاكس بنت في الشارع وقالها أوصلك فين قالتله عالمكان ده فاتاخد وهو ماشي. الولد ده طلع كان من قرية الظابط خدم فيها قبل كده وبيكرهها قعد يهزق فيه ويشده من شعره ويقوله مش هتخرج من هنا. الناس اللي بدقون قاموا وهم متكلبشين عشان يصلوا وعلوا صوتهم وجابوا خشبة صلوا عليها كأنهم بيزايدوا عالضباط في التدين والظباط قعدوا يقولولهم يعني احنا كفرة يعني مش عايزينكوا تصلوا. لغاية الساعة 12 بالليل مكنتش متأكدة حد عرف مكاني ولا لأ وبعدين دخلي اعاشة وارتحت جدا ان عالأقل في حد عارف مكاني ولو اتحركنا هيعرفوا رحت فين. لما دخلى الاعاشة عزمت عاللي معايا بس الاسلاميين اللي كانو معانا مرضيوش ياخدوا مني أكل. بالليل رئيس المباحث دخل وطلبلنا كلنا كشري وكل شوية الضابط يدخل يقولي انت الدنيا مقلوبة عليكي عالفيسبوك قلتله كويس يعني في ناس عارفة مكاني. بعد كده فكونا ونمنا في الطرقة.. هم ناموا في الطرقة وأنا نمت عالسلم. كان في كمية نموس بشعة. 

تاني يوم قعدنا كتير محدش بيقولنا حاجة وبعدين عالساعة اتنين أوتلاتة الضهر دخلو كل شوية اوضة..أنا دخلوني أوضة لوحدي وكل شوية ينقلوني بدأت ازهق جه ضابط المباحث قالي "ايه ده انت زهقانة؟ مش انت صاحبة رأي وفكرة؟ هتعملي ايه في السجن بقى؟". بعد كده واحد جه قعد ياخد بصماتي. بعدين ركبونا عربية الترحيلات، فضلنا واقفين كتير جدا في العربية على ما اتحركت..ساعتين مثلا. بتوع الأمن المركزي كانوا أغلبهم محترمين ومقهورين أوي بس أمناء المباحث دول أوحش ناس كانوا قاعدين بيشتموا في العربية. أما وصلنا النيابة شفت ماما من جوه العربية وقعدت أشاورلها وأقولها ماما أنا هنا راح واحد من أمناء المباحث مزعقلي مش فاكرة قالي "لو اتكلمتي تاني احنا هنزعلك هنا ومحدش هيعرف عنك حاجة" ولا قالي "لو اتكلمتي تاني احنا هننيكك هنا ومحدش هيعرف عنك حاجة". وطول ما احنا ماشيين في عربية الترحيلات أصلا هم فعلا بيتعاملوا كأنهم أسياد البلد عمالين يرازوا في الناس في الشارع ويعاكسوا البنات.

وصلت النيابة ولقيت صحابي مستنيين برة ارتحت. فضلت قاعدة كتير، لما قمت اتحركت خطوة من مكاني عملوا مشكلة وزعقوا لأمين الشرطة. بعدين دخلت الحجز وكان في 7 بنات جوة، كان في ناس شكلها غريب واحدة منهم لما الامين دخل قالتله "تعالالي يا عسل" كان شكلها واخدة حاجة. في الأول مكانوش بيكلموني وبعدين لما جالهم أكل عزموا عليا وقعدنا نتعرف شوية. قعدوا يقولولي "هو انت مسلمة؟ وازاي بشعرك ولابسة كده ازاي؟ وايه اللي في ايدك ده (التاتو)؟" وبعدين في واحدة أ.ه قالتلي سمعى الفاتحة وسمعتها ثلاث مرات وبعدين قالتلي قولي حديث موجود في القرآن (كانت عايزاني أسمع اقرأ باسم ربك) وقلتها لها. وواحدة قالتلي "مش انتوا بتوع التحرير اللي بتناموا مع الولاد". يومها سمحوا بالزيارة وشفت مامتي وبابايا بس الباب الحاجز كان مقفول وبيبقى من ورا السلك. أنا كنت عايزة يبقى معايا 30 او 50 جنيه بالكتير عشان عارفة لو معايا أكتر هتتاخد مني بس بابا اداني 200 ج.  اليوم ده بالليل (تاني يوم في القبض وأول يوم في الحبس) حصلت مشلكة كبيرة. في واحدة اسمها س. الحلق بتاعها ضاع وحصلت خناقة وقعدوا يزعقوا  وكلهم اتفقوا ان في واحدة اسمها ن. هي اللي سرقته. المهم بسبب الخناق والزعيق قفلوا علينا النور والضابط دخل وقعد يشتمنا وكان معاه عصايا كبيرة وقعد يزعق ويقول "واقفة كده ليه يا مرة؟". أنا مكنتش أعرف ان لازم لما الظابط يدخل نقف فكنت قاعدة وقعدوا يقولولي قومي أقفي وهو قعد يهوشني بالعصايا بس مضربنيش. 

صحينا تاني يوم ودونا النيابة والمرة دي كان في أمين شرطة متحرش جدا كل شوية يلزق فيا ويحط كوعه وطبلت من عسكري أمن مركزي يبدل مكانه معايا. كنت حاسة طول الوقت بحمل كبير ان احتمال واحد يدخل بسببي عشان كان جدع معايا (ز.). خدوني في التحقيق ساعة ونص، كل حاجة قلتها اتثبتت حتى اني اتقرصت من الناموس في القسم. قعدوا يسألوني ايه رأيك في موضوع الجزيرتين مش انت في سياسة واقتصاد؟ قلتلهم اه بس لسة مخدناش الاتفاقيات الدولية فمش عارفة. ساعتها عرفت ان واحد صاحبي اتقبض عليه وقعدت أعيط. قعدت كتير في الحبسخانة واتعرفت على واحدة غلبانة كانت بتنضف البيت لناس واتخانقوا معاها وقالوا انها سرقت 20000 جنيه وحاجات تانية من على الترابيزة وهي معملتش حاجة ودي عندها أولاد وجوزها عنيف وبيضربهم. كان في عسكري أمن مركزي متعاطف معايا جدا وقالي هاتي نمرة باباكي وعرفت لما طلعت انه كان بيكلمه كل يوم يطمنه ولما طلعت بقى يطمن منه عليا.

 يومها لما خرجت من النيابة ملقتش أي حد من أصحابي اللي كانوا مستنيين ...تقريبا خرجنا من باب تاني. رجعونا عالقسم ومقالولناش القرار!! مكناش عارفين هنقعد قد ايه بس مدام رجعت القسم قلت أكيد أنا خدت أربع أيام ] في الحقيقة كان القرار استمرار حبس 15 يوم ثم تم تغييره إلى اخلاء سبيل في المساء ولكنها لم تعرف ذلك إلا بعد خروجها[. قعدت أفكر بقى أنا هقعد في السجن قد ايه وأحسبها، كنت حاسة بمأساة. وبعدين  دخل حد قالي هتتكفلي وقعدوا يقولولي يا محظوظة! مكنتش مصدقة إني هخرج، بت يومها وتاني يوم خلصوا اجراءات اخلاء السبيل. رحت القسم بقى عشان يعملوا كشف البطاقة وحاجة اسمها كشف شجرة العيلة وظابط المباحث قعد يقولي "انت بلا هوية وبلا انتماء". وبعدين قالي "انت فاكرة عشان هتخرجي خلاص؟ انت اسمك بقى عندنا وحتى لو انت منزلتيش تاني، لو في مظاهرة نزلت هنجيبك برضه!" بس وبعدين  جه الضابط قالي امشي..مشيت.

 

الاسم: م.ر

التاريخ:26- 28 أبريل 2016 

مكان الواقعة: أماكن متفرقة 

يوم 25 أبريل وقبلها كان في حملات عالبيوت... فاحنا ما بتناش في البيت عشان بيتنا في وسط البلد. يوم 25 أبريل صحابنا اتاخدوا من مسيرة ناهيا واحنا نزلنا الدقي، في ناس اتاخدت من وسطنا حرفيا، كان يوم متعب وكله جري ورحنا بتنا عند حد من أصحابنا. تاني يوم (26 أبريل) قالوا ان هيبقى فيه وقفة عند النقابة وبعدين قالوا للصحفيين بس. أنا ساكنة في شارع شامبليون، واحنا مروحين (هي وولدين من أصدقائها ص. وع.) كان في ظباط في كل حتة وفي كردون أمن، ودايما كنا بنتعامل عادي مع الكردون على أساس اننا ساكنين هنا وبيفتحولنا. وصلنا شامبليون وكانت الدنيا متقفلة  وكان في صحفيين داخلين بالكارنيهات . وصلنا عند كردون الأمن عند شارع شامبليون وقلتله أن ساكنة هنا مكانوش راضيين يعدوني وقالولي هاتي بطاقتك، قلتلهم بطاقتي أصلا على اسكندرية بس أنا بشتغل هنا وعايشة هنا.قالولي ادخلي من شارع تاني، قلتلهم أنا جربت كل الشوارع اللي ورا وكلها متقفلة، راح واحد منهم قايلي "خلاص متروحيش دلوقتي". في أمين جه وقعد يقول "دول عايزين يعملوا مشكلة" وأنا فعلا كنت عايزة أروح بيتي بس ومكنتش عايزة ولا أتخانق ولا أجري ولا أي حاجة لأننا كنا تعبانين جدا من اليوم اللي قبله. وبعدين في أمين تاني قالي "اهدي، احنا بنتعامل معاكي زي أختنا"، فصاحبي اللي كان معايا (ع.) قاله لو كنت بتتعامل معاها زي أختك، كنت خليتها تروح، راح الأمين قايل " أنا أختي مش شرموطة متناكة عشان تنزل من البيت" فصاحبي قاله "لا واضح فعلا انك بتعاملها زي أختك" وأنا بدأت أتعصب جدا من الشتيمة وصوتي يعلى، قولتله أنا عايزة أروح ولو عايز ممكن أجيبلك عقد البيت عشان تصدق اني ساكنة هنا، وبعدين انت هتشوفني وأنا داخلة وهتشوف اني مش رايحة عند النقابة" قاللي "لو جبتي ايه مش هدخلك". في واحد صديقي كان عند النقابة وشافنا وقعد يهديني، قعدت أوصفلهم شكل عمارتي بالضبط وفي ايه تحتها وحواليها وقلتله "ممكن تبعت معايا ضابط لو عايز". 

 بعد كده في واحدة صديقتنا تانية صحفية كانت جاية النقابة ومعاها كارنيه ورفضوا يدخلوها، في الوقت ده كان بدأ ناس كتير تتجمع ورانا ومش عارفين يدخلوا. وبدأ الأمناء والضباط يحسوا ان وجودنا عامل مشكلة واننا موقفين الدنيا مع ان هما اللي قافلين الطريق بكردون، وجودنا من عدمه مش هيفرق. بعدين جيه ضابط وقال انه عارفني وعارف اني ساكنة هنا..وقالهم افتحوا الكردون.  أول ما فتحوا الكوردون وعدينا راحوا قافلينه تاني وقعدوا يضربوا فينا قدام الناس كلها وشدونا على الاوتوبيس اللي كانوا بيقبضو فيه عالناس. ضربوا جامد في جسمنا أنا ايدي ورجلي كانت كلها كدمات. احنا قعدنا نصرخ عشان كنا عايزين صحابنا اللي موجودين يعرفوا عالأقل ان احنا اتمسكنا. أنا مكنتش قادرة أقاوح ولا أقاوم الضرب، و ع. صاحبي كل ما يقاوم كان بيتضرب أكتر فاستسلمت. 

ركبنا الاوتوبيس وكنت بحاول أفتح التليفون عشان حتى لو حد من صحابي رد يسمع الصوت ويفهم اني اتقبض عليا. واحد من الأمناء اللي موجودين قاللي "هاتي تليفونك يا وسخة يا شرموطة ". صحابي حاولوا يتكلموا كتير عالموبايل بس مرضيوش يردوا أو يقولوا أنا فين. وبعدين صوروا كل حاجة كانت معايا البطاقة وورق الكلية...رحنا على القسم ودخلت في ضابطة فتشتني، أنا كنت في أوضة ضابط المباحث وشايفاهم بيلطشوا في ع. وص. أصدقائي من بره. الضابطة فتشتني وفضلت ماسكة ايدي جامد جدا، قلتلها "أنا مش هجري في القسم ممكن تسيبي ايدي" بصتلي وضحكت ومشيت.أنا كنت واقفة عند الحيطة وكنت شايقة أوضة فيها بنات‘ 9 بنات تقريبا واحدة منهم قعدت تشاورلي عشان أقولها اسمي وكده. عرفت بعد كده ان البنات دول كانوا بايتين من الليلة اللي قبلها في المباحث والبنت دي أخوها أصلا ضابط في أمن الدولة تحت ومعرفش يطلعها، أقصى حاجة كانوا بيخلوها تنزل تقعد معاه شوية، بس كانت بتخليه يكلم أهالي البنات اللي معاها يطمنهم. طول الوقت ده احنا فقدنا احساسنا بالوقت مكنتش عارفة الساعة كام ولا فات قد ايه (بس أفتكر مش وقت كتير).

بعد كده دخلونا تحقيق أمن الدولة. دخلت وكان في اتنين ضباط بيحققوا معايا والحقيقة كانت حاجة كوميدية جدا. واحد منهم كان بيحاول يرعبني وباصص في موبايله بقى طول ما هو بيكلمني وهو باين في المرايا اللي ورا انه بيلعب كاندي كراش! سألني "انت اخر اجتماع حضرتيه ل6 أبريل امتى" قلتله "أنا عمري ما كنت في 6 أبريل"! قعد بقى يسألني أسئلة كتير زي انتخبتي مين في الرئاسة وليه انضميتي لحركة سياسية في الجامعة وبتشتغلي في ايه دلوقتي. قلتله أن مش 6 أبريل فعلا ومنتخبتش في الرئاسة وكل الناس في الجامعة كانت بتشتغل سياسة في 2011 و2012 . قاللي "عاجبني أوي الصدق في كلامك" قلتله "أنا بقول الحقيقة..روح اعمل تحرياتك" قاللي ماشي من حقك تقولي انك صادقة وأنا من حقي مصدقكيش. لما طلعت من التحقيق لقيت في اعاشة جاتلنا ففهمت ان في حد عرف مكاننا وبعدين جيه المحامي وشفته وقاللي "متقلقيش دي تكديرة ساعتين وهتطلعي". 

سمحولي أقعد في الاوضة اللي كان فيها ال9 البنات وقعدنا نسمع قصص بعض. عرفت انهم كانوا بايتين من الليلة اللي قبلها في المباحث.  كان في واحدة في أولى كلية يتعيط ومش عارفة أهلها فين ويعرفوا ولا لأ، وكان في البنت اللي أخوها ضابط أمن دولة...وبعدين فيه ضابط مباحث نده علي ودخلتله وقالي "انت جيتي هنا ازاي وانت ليكي في السياسة ولا لأ من الاخر عشان أعرف الموضوع ده هيخلص على ايه" قلتله "ليا أو مليش أنا فعلا كنت مروحة". بالليل جيه ضابط تاني وقاللي "انت كويسة؟ وقاللي انت هتمشي والبنات الموجودين هيمشوا". الكلام كان اني هروح فكنا بناكل وبنغني والوضع كان لطيف جدا. أمناء المباحث بتوع شيفت بالليل كانوا لطاف وتعاملهم كويس جدا معانا‘ غير بتوع الصبح. عالساعة 2 بالليل كده جه ضابط تاني وسألني لو أنا كويسة ولو في حد اتعرضلي هنا وقلت لأ. قاللي كلها ساعة وهتطلعي القرار طلع. بعد شوية جه ضابط تاني قال أسامي 6 بنات اللي هيخرجوا ومكنتش منهن وقال اسامي 3 بنات تانيين هينزلوا الحجز. أنا منادوش اسمي خالص، فضلت أنا وع. وص. (أصدقائي اللي اتقبص عليهم معايا من الأول). الأمناء بتوع بالليل كانوا متعاونين جدا معانا، سابونا نتكلم في التليفون وسابوا أصحابنا يدخلولنا ويقعدوا معانا واحنا مكناش فاهمين احنا كده هنطلع الصبح ولا ايه. مكنتش عارفة أنام فين، كانت غريبة انهم سابوني أنا وص. وع. ننام في نفس الحتة. والدي وصل القاهرة وجالي على الساعة 5 أو 6 الصبح وقعدت معاه في المكتب. لما شفت بابا وكلمت أهلي انهارت، أدركت الموقف اللي أنا فيه، أنا كل ده مكنتش مستوعبة.بعد كده جم الأمناء بتوع الصبح ومعاملتهم خرا. قعدوا يقولوا "الحريم دول هنا ليه" و"الجواميس دول يمشوا من هنا". اتكلبشنا في بعض وركبنا البوكس. كان في ناس كتير من صحابنا مستيينا و كان في منهم منهارين وأنا مش عارفة أعمل ايه.  البوكس كان مفتوح وكان في ناس في الشارع بتهيصلنا وتصفرلنا، كان شكلنا سياسة، وفي فكهاني حاول يرميلنا برتقال وفي واحد رمالنا كيس توت. وصلنا عند النيابة ودخلونا من الباب اللي ورا. 

اللي فات بقى ده كله حاجة واللي جاي في الحبسخانة حاجة تانية. الحبسخانة دي حاجة أصعب من القبر. الحيطان لونها أصفر على أسود و الحبس عبارة عن باب حديد وباب حديد وساحة. في حيطة حديد كاملة جواها زنزانة والساحة كانت فاضية وفيها ديسك الأمناء. دخلنا الساحة وفكوني  شفت ال3 بنات اللي نزلوا الحجز اليوم اللي قبله وكانوا متبهدلين جدا وواحدة منهن الجوانتي بتاعها كان متقطع، كانوا منهارين جدا.. بعدين واحنا واقفين في الساحة فتحوا الزنزانة اللي فيها الولاد عشان يدخلوا ص. وع, الزنزانة كان فيها اصلا 50 ولد متكلبشين (عرفت ان دول اللي كانوا في معسكر أمن مركزي ) وهي ضيقة جدا وكان شكلهم مرعب، مرعب..وعياط وهدومهم متقطعة وحاجة بشعة. لما فتحوا الزنزانة قعدوا يصرخوا ان محدش تاني هيدخل (هما كانوا عايزين يدخلوا ص. وع. ويسيبوها هي في الساحة مع البنات). دخل عالولاد عساكر أمن مركزي بعصيان وطوحوا الضرب فيهم  وبهدلوهم وجسمهم كان بيجيب دم. أنا كان شكلي كويس لأن صحابي كانوا جايبينلي هدوم اليوم اللي قبلها  وكنت غاسلة وشي فمكنتش مبهدلة قعدوا الولاد اللي جوة يقولولي "انت دكتورة؟" واللي يقولي "انت جاية من المجلس؟ (يقصدون المجلس القومي لحقوق الإنسان)" كان في ناس تعبانة جوة وعايزني أنقذهم‘ واحد عنده القلب وواحد جاتله نوبة وأنا صوتي مش طالع بحاول أقولهم اني محبوسة زيهم. دخلت في وسطهم قلت ده ممكن يهدي الضرب اللي كان العساكر بيضربوه، وحاولت أعمل شوية اسعافات أولية كنت متعلماها. بدأ العساكر يهدوا فعلا لما دخلت في النص وينزلوا العصيان وبدأت أقولهم دول ناس محتاجة اسعاف. العساكر قعدوا يقولولي ده مش بايدينا انت فكرة باديدنا وطلعوا. بعدين البنات بدأوا يصرخوا في واحدة وقعت من طولها والتانية قعدت تصرخ وتقول "الظلم! الظلم!". بعدين بدأوا يطلعوا الولاد اللي كانوا تعبانين جوا. 

كل ده أنا معرفش الوقت خالص كان قد ايه.. رحنا لوكيل النيابة وكان في محامين كتير أعرفهم ومعرفهمش قعد يبصلي وهو مستغرب لأن التهم اللي قدامه  "قطع طرق عام" و"اتلاف منشآت"..سأل "انتوا هنا ليه" ومسألش أسئلة كتير خالص. القرار كان اننا نبات في الحبس ونتعر ض عالنيابة تاني يوم. المحامي قاله طب طلعها بأي كفالة هي عندها مشاكل صحية بلاش تبات في الحبس، قاله "أنا اسف القرار مش بايدي". بعد كده أكلنا وسلمت لأني غالبا هاخد 15 يوم. بعد ما كلت حسيت اني تعبانة، أنا عندي مشاكل في الضغط وفي المعدة... حاولت أمسك نفسي بس كنت تعبانة جدا. قعدوني عالأرض بالكلابش مع ص. وقلتلهم عايزة أروح الحمام اتأخروا جدا وفضلوا مكلبشني مش فاهمة يعني ص. كان هييجي معايا الحمام مثلا؟ بعد كده مش فاكرة ايه اللي حصل.. أنا كنت رايحة الحمام ولقيت واحدة شايلاني ودماغي اتخبطت (كانت قد فقدت الوعي لبعض الوقت). المحامين قالوا لازم يجيلها الاسعاف والاسعاف كانت جاية فعلا بس أنا فجأة لقيت الجنائيات بيشيلوني وبينزلوني من الباب اللي ورا وبيركبوني الترحيلات..كان في واحدة بتكلمني..وكنت بسمع صوت ص. وع. ...كنت بفوق وأرجع تاني ..لما رحت الحبس في واحدة قعدت تأكلني زيتون عشان أفوق. لما طلعت عرفت ان الاسعاف جت النيابة فعلا بس هما استغلوا ان المحامين مش موجودين ونزلوني من الباب اللي ورا ورحلوني. 

الحبس كان صغير جدا ومكنتش مدركة أوي أنا فين وهو عامل ازاي غير بعدين. قعدوا يقولوا طلعوها في الهواء لازم تفوق. المسعف جه وقال دي عندها هبوط في الدورة الدموية ولازم يتعلقلها محاليل، لازم ننقلها المستشفى. أنا مكنتش قادرة أتكلم ولا أتحرك بس كنت سامعة وشايفة. وأنا طالعة كان في محامي في القسم بيعمل بلاغ في المتظاهرين عشان عطلوا الطريق والضابط قاله في أسامي معينة؟ قاله "ما انت عندك أسامي كتير..شوف أي اسم".وقعد المحامي يقوله شفتني وأنا وطني. كان مشهد سريالي جدا. وسمعت واحد من الضباط بيقول "شايف شراميط 6 أبريل؟؟" "دول بيولعوا سجاير قدام الولاد عادي..والله لو شرموطة جايبها من الشارع متعملش كده".  بعدين رحت المستشفى ومكنتش فاهمة أي حاجة، الأول رحنا مستشفى المنيرة ومنزلتش عشان طلع القرار عالقصر العيني فرحنا هناك، أو العكس مش فاكرة. التعامل كان كويس جدا في المستشفى والدكتور قال ان عندي هبوط حاد في الدورة الدموية وعلقوا محاليل. صاحبتي كانت برة عند المستشفي وشافتني من الشباك قعدت تعيط، الضابط قالها "هرجعهالك القسم تاني". قرار المستشفى طلع اني لازم أبات فيها بس القسم رفض البيات في المستشفى فطلعوا قرار تاني اني أبات في مكان فيه تهوية. القسم أصر اني أبات في الحجز بس قدام المروحة ..والمروحة عالسلم، أبات على سلم الحجز يعني. 

لما رجعت الحجز بقى أدركت أنا في مكان عامل ازاي. مكان ضيق جدا وتحت الأرض وفيه سلم المروحة متوجهة عليه وبير السلم بيشوف  باب حجز الأولاد. الحمام عبارة عن دش وتحته حمام وملوش باب، هي نص حيطة وشي بيبقى باين منها. الوضع كان مزري، وبعد كده عرفت ان المكان ده بلاعة صرف القسم. كان في حوالي 15 أو 16 بنت أغلبهم جنائيات و3 سياسة (اللي كنت شفتهم في القسم أول يوم). الجنائيات قالولي لازم تتحجبي عشان الولاد والعساكر والضباط!! قلتلهم أنا مش محجبة ومش معايا طرحة، قالولي حتى لو مش محجبة محدش هنا بيقعد بشعره وواحدة قالتلي لما طرحتي تنشف هجيبهالك. احنا كنا جعانين جدا لدرجة ان في واحدة أهلها كانوا جايبنلها فراخ وباظت وكلناها وهي بايظة. بعد كده صحابي جابولي هدوم وأكل دخلت استحمى لقيت أكلى اتاكل. بعدين قالولي انت هتباتي برة عشان التهوية، كنت بدأت أتعب تاني بس مكنتش عايزة أقول عشان مش عايزة أروح المسشفى تاني. الستات نادوا الضابط وقالوله تعبانة تاني، قالهم مدام محدش برة يعرف خلاص هالتولها عصير. فضلت كده لحد الفجر تقريبا بفوق وأرجع تاني ومش عارفة اخد نفسي. وأنا بفوق لقيت البنت اللي جنبي بتتحرش بيا! كانت حاطة ايديها في جسمي يعني! صحيت، قالتلي انت تعبانة مش عايزة تنامي قلتلها لأ أنا صحيت. 

فضلت قاعدة لحد ما الترحيلات جت، ندهوا الأسامي كلها ومندهوش اسمي وبعدين جه ضابط قاللي لمي حاجتك هتطلعي معانا. قضينا في الحبسخانة لحد صلاة العصر تقريبا كان وكيل النيابة جه. الحبسخانة كانت فاضية المرة دي، كان في احنا بس وأمناء الشرطة بس مفيش تهوية والدكة كانت بتطلع صراصير علينا. اليوم اللي قبله في الحجز كان في صراصير بتطلع والستات تقتلها عادي وتكمل نوم. في أمين شرطة قعد كل شوية يقولي نزلي رجلك – أنا كنت حاطة رجل على رجل ومش قصدي حاجة أنا بقعد كده. بعد كده دخلت لوكيل النيابة وقعد يسألني "انت كويسة؟" كانوا واخدين القرار أصلا وكان اخلاء سبيل. كنت فاكرة اننا هنروح القسم ناخد حاجتنا ونروح بس نزلونا الحبسخانة تاني ساعتين مثلا وبعدين رحنا عند القسم، كانوا عاملين كردون عشان يحجبوا الناس. رحنا القسم تاني وطلعنا هنفضل لحد بالليل، واحنا هناك بتوع الجبل الأحمر خرجوا  وكل ده احنا مستنيين قرار أمن الدولة اننا نطلع. هو كان مضايقهم اننا نقعد 3 ايام بس مش 4. 

بدأت أتعب تاني، وبعدين قالولنا هتمشوا، امشي..طلعت اجري في الشارع مستنتش حد. فجأة أصحابي وأهلي لاقوني قدامهم برة! 


الاسم: ه.م 

تاريخ الواقعة: السبت 30 أبريل 

مكان الواقعة: أمام محكمة عابدين 

أنا كان لي صحاب اتاخدوا في مظاهرات 25 أبريل وكانت جلستهم في محكمة عابدين يوم السبت 30 أبريل. رحت جلستهم في المحكمة ومرضيوش يدخلونا. لما الجلسة خلصت خرجوهم من الباب اللي ورا وجريت عليهم عشان أشوفهم وهم خارجين..ده كان حوالي الساعة واحدة إلا ربع الظهر. لقينا في  كردون حديد، وقفنا ورا الكردون لقيت "بلطجية" كتير رجالة وستات واحد من الرجالة جيه ناحيتي وزقني واتحرش بيه..مسك صدري وفضل ماسكه زعقت فيه وقلتله شيل ايدك..لقيت الستات بيتحركوا ناحيتي .. هم كانوا 6 ستات لابسين عبايات سوداء ومعاهم شوم في ايديهم بس واحدة منهم بس اللي تعدت علي. هي جت ضربتني بالقلم وقعدت تضرب في فأنا قعدت أصوت وأختي كانت معايا وجت تلحقني لقيت الشرطة عملت كوردون علينا وحطيت حواجز تانية واحنا بقينا في النص مش عارفين نطلع. الولاد اللي كانوا معانا حاولوا يدخلوا عشان يخلصونا أنا وأختي، في واحد منهم ضربوه بالشوم جامد وبعدين لقينا الشرطة فتحت الحواجز اللي ورا وركبت ال"بلطجية" عربيات وخرجتهم. أنا كنت منهارة ومش مستوعبة اللي حصل، مع اني في 25 يناير اتعرضت لضرب من الأمن بس أول مرة "بلطجية" يحتكوا بي ..أنا شفت ناس غريبة..كنت في ذهول من الموقف ومعرفتش أدافع عن نفسي والشرطة كانت بتدافع عنهم. 

رحت في نفس اليوم عملت محضر في نيابة عابدين لأن القسم مش هيعمل حاجة، هم أصلا اللي جايبين ال"بلطجية". لكن النيابة متحركنش برضه مع اننا وريناهم الصور والفيديوهات. وكيل النيابة قالي "على فكرة أنا كمان متضرر زيك.. هم واقفين في المكان اللي بركن فيه عربيتي". المفروض بقى نودي الصور ومقاطع الفيديو اللي معانا النيابة ..بس مفيش حاجة هتحصل..مش عارفة البلد دي بتعمل فينا كده ليه؟؟

 

الاسم: ه. ع 

تاريخ الواقعة:الاربعاء 4 مايو 2016 

مكان الواقعة: محيط نقابة الصحفيين 

كان يوم 4 مايو اللي هو اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين. أول اليوم كانت الساعة 1:30 الظهر كنت عايزة أدخا النقابة من عند شامبليون عشان من عبد الخالق ثروت كان في حواجز أمنية وكان في أمن وستات ورجالة مشغلين أغانب بيرقصوا. دخلت شامبليون كان في ضابط ومعاه لناس لابسن مدني، الضابط سألني عالكارنيه طلعتهوله، فواحد من "المواطنين الشرفاء" اللي واقفين- لو ممكن نستخدم المصطلح ده-شتمني وقالي "انت صحفية بنت كذا" و "انتوا عايزين توقعوا البلد" قلت للضابط انت سايبه يشتمني كده عادي قالي الطريق مفتوح قدامك خشي. طول ما أنا داخلة جوة في بقى ظباط عمالين بيسألوني افتحي شنطتك ويفتشوها ومكنش في شرطة نسائية. أول مرة فتحتها لأني مش عايزة أعمل مشكلة، تاني مرة قلتله لا أنا لسة متفتشة والمفروض يكون في شرطة نسائية لو هنتفتش فسابني أدخل. دخلت النقابة وفضلت قاعدة لغاية ما قرارات الجمعية العمومية طلعت. 

بعدين صحابي كلموني عشان عايزين يجوا، هم زملاء صحفيين بس مش نقابيين  فقلت أحاول أدخلهم بأي طريقة. طلعتلهم عادي وهم كانوا عند عبد الخالق ثروت من ناحية طلعت حرب. وأنا طالعة كان في "مواطنين شرفاء" كتير واقفين عند نادي القضاة. جبت صحابي وحاولنا ندخل والضابط مارضيش عشان مش معاهم كارنيه قلتله يعني مينفعش صحفيين معهمش كارنيه يدخلوا والناس اللي بترقص جوا دول نقابيين؟ قال لي  "دول معاهم تصريح بالرقص"!!. وبعدين قالي هاتي لي النقيب بتاعك يقولي دول صحفيين وأنا أدخلهم. فمنجحتش محاولة اني أدخلهم ومشيت معاهم رحت عالمجلة بتاعتي في القصر العيني كان عندي شغل بخلصه. خلصت شغل وقلت أرجع تاني النقابة عشان أفضل متابعة. 

كانت الساعة حوالي خمسة وربع، رحت من عبد الخالق ثروت من ناحية رمسيس، سبت المدخل بتاع نقابة المحامين عشان كان في ناس واقفة بترقص. دخلت من ناحية فتح الله وأنا داخلة شايفة ستات ورجالة واقفين قبل الحاجز والضباط ورا الحاجز بيتكلموا مع بعض كأنهم صحاب يعني. قلت لواحد من المواطنين اللي كانوا واقفين برا الحاجز أنا عايزة أدخل قاللي ماتدخلي قلتله هعدي ازاي منكوا. هم كانوا مضيقين الدنيا والمدخل كان ضيق جدا. حاولت أدخل عشان أنا مش صدامية ومش عايزة أعمل مشكلة بس كل ما أدخل ألاقيهم بيقربوا ويضيقوا الحاجز عليا فأبقى مضطرة أعدي من وسطهم ومضطرة جسمي يلزق فيهم. فاعتصبت جدا  قلتلهم "ايه السفالة دي!!" لما بدأت أزعق زنقوني في الحيطة، بقي ضهري للحيطة وواحد منهم رفع ايده وقالي "اسكتي يا بت يا هديكي على وشك". بدأت أتعصب جدا واقولهم "احنا صحفيين وداخلين نقابتنا" و"هو انتوا فاكرين انتوا "بلطجية" هتضربونا". أول ما قلت كده الستات اللي كانو واقفين اتلموا عليا- كان في كتير واقفين بس اتنين بس اللي ضربوا- وكانوا لابسن عبايات سوداء وبدأوا يضربوا في جامد. ضربوا ضهري كتير أوي وايدي، مضربوش في وشي خالص وضربهم مسابش أي علامات بس  تحس انهم عارفين يوجعوا ازاي..كأنهم مدربين، جسمي كله كان مكسر بعدها. الطرحة اتحركت وشعري بان والخاتم وقع والكارنيه. شايفة الضباط ورا الحاجز وعايزة أقولهم انقذوني ومش عارفة أتكلم وكانوا رتب يعني! وبعدين قلتلهم "انتوا سايبني، مبسوطين كده وهما بيضربونا". جت واحدة من الشرطة النسائية شدتني من الستات ودخلتني وهم فضلوا يضربوا فيا عادي وهي بتدخلني ويشتموا فيا. 

دخلتني قعدت بعد الحاجز وجه لواء كده جابلي مياه وأنا قعدت أعيط..كان موقف مهين جدا..دي ناس أنا معملتلهمش حاجة عشان يضربوني ودي نقابتنا احنا هم اللي مش في مكانهم! قعدت اقول للنقيبة ان الكارنيه وقع فجابتهولي وكانت الطرحة وقعت خالص. أنا اللي طلع عليا قعدت أقول للشرطة اللي واقفة "اللي بتعملوه ده غلط!" فالنقيبة دي قالتلي "خلاص مش احنا دخلناكي، قلنالك معلش". بعدبن كان في صحفي واقف شافني وجه قالي ايه اللي حصل تعالي نروح قسم قصر النيل، فالضابط اللي واقف قالنا "قسم قصر النيل ايه ادخلي بلاش مشاكل". كل ده كان الستات مكملين شتيمة من ورا الحاجز. بعدين حصل حاجة تقريبا فتحوا الحواجز فالناس كانوا عايزين يهجموا علينا، أنا قعدت أجري وأعيط وبعدين قابلت ناس صحابي وقعدوا يهدوني وقعدت لحد ما هديت ومشيت. معملتش محضر وقتها بس المفروض النقابة هتتحرك ضد كل الانتهاكات اللي حصلت. أنا قعدت أسبوع مش بنزل من البيت وبقعد أعيط مع نفسي ومش بروح المجلة. لحد دلوقتي مش بعرف أعدي من عند المكان اللي اتضربت فيه عند النقابة. 


الاسم: أ.ح

تاريخ الواقعة: الأربعاء 4 مايو

مكان الواقعة: محيط نقابة الصحفيين 

أثناء قيامها بتصوير اعتداء ال"بلطجية" على الصحفي خالد داود، روت الزميلة أ. ح،  شهادتها عن قيام أحد من ال"بلطجية" بجذبها، ثم تجمع معه عدد من الرجال وقاموا بالاعتداء عليها هي وفتاة أخرى بالسب والبصق والضرب بالأيدي وإلقاء زجاجات المياه والأيدي، حتى تمكنا من الإفلات منهم والاحتماء خلف الحاجز.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث أضافت الزميلة في شهادتها أنه بعد ذلك قامت ضابطة من الشرطة النسائية بجذب القتاة «من رقبتها»، ما ترتب عليه قيام الزميلة بالدفاع عنها، حتى فوجئت بتجمع عدد من رجال الشرطة حولها وبدأول بجذبها من يدها، حتى تمكن عدد من الزملاء من إنقاذها والفتاة.

 

الاسم: ب. ك.

تاريخ الواقعة: 4 مايو 2016

مكان الواقعة: محيط نقابة الصحفيين 

 كان يوم 4 مايو، يوم الجمعية العمومية في نقابة الصحفيين. كنت انا وزميل لي (أ.) جوة وطالعين نشتري مياه. واحنا راجعين طلعنا الكارنيه كالعادة عند أول حاجز. بعد كده كان في حاجزين تانيين فأنا بصراحة عند الحاجز التاني قلتلهم أنا مش هطلع الكارنيه تاني انتوا لسة شايفينه وأنا طلعته قبل كده فراحوا عدوني بس معدوش زميلي. ببص لقيت في خمسة -طلعوا أمناء شرطة بزي مدني- اتلموا عليه ومش راضيين يعدوا. أنا كل اللي جه في دماغي طبعا انهم هيعتقلوه أو هيعملوا له حاجة. فقعدت أشد فيه، كنت بحاول أشده ناحية الكردون بتاعنا بس طبعا معرفتش..هم أكتر مني.

بدأت أتخانق مع الضابط، وأنا بتكلم حسيت فجأة بحاجة يتضربني من ضهريعلى دماغي  كنت فاكرة انها آلة حادة، عصاية أو حاجة بس أنا مكنتش شايفة. طلعت واحدة من مؤيدي السسيسي اللي كانوا واقفين وشايلين صوره. ضربتني جامد أوي على دماغي وطلعت كانت بتضرب باديدها مش عصاية أو آلة بس ضرب جامد أوي وشتمتني. الشرطة متدخلتش خالص ولا بالسلب ولا بالايجاب. بعد كده شدوا الست بعيد عني وخلصوني منها. اللي شدها مش الشرطة واحد عادي من المتظاهرين اللي كانوا عند النقابة. بس، ده مجمل اللي حصل. 

رابط دائمhttp://nazra.org/node/500