تمرّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتغيرات جذرية منذ أعوام طويلة، ونرى مطالب من الشعوب بتغيير الأنظمة وطرح إصلاحات جدية تضمن الحرّية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، كما استخدمت هذه الشعوب آليات مختلفة لطرح أصواتها على أنظمتها مرت بنجاحات وإخفاقات. وقد دفعت فيها نساء هذه المنطقة أثمانا باهظة لحماية وجودهن في مجال عام يضمن حريتهن واستمرارية تواجدهن فيه.
ومن أجل الوصول إلى الحرّية المنشودة طالبت نساء عدة بحقوقهن وطرحن على مجتمعاتهن والمجتمع الدولي واقع "المدافعات عن حقوق الإنسان"، اللواتي يناضلن يومياً داخل مجتمعاتهن المحلية لطرح قضاياهن السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية ويتحملن نتيجة ذلك عبء مجتمعات أبوية ونظرة تقليدية لهن بأنهن غير قادرات أو غير مؤهلات لتلك المهمة إلا أنهن مستمرات في عملهن.
ولا تكمن التضحية والنضال عند هذا الحد، فهناك من دفعن سلامتهن الجسدية وحرّيتهن وحتى حياتهن ثمناً مقابل دفاعهن عن حقوق مختلفة ومتنوعة، في ظل سياق يزداد فيه العنف المجتمعي والصراع واستهداف من قبل فاعلين بالدولة أو غير الفاعلين بالدولة للمدافعات والنساء اللواتي قررن المشاركة في مجال عام، آملات أن مشاركتهن وجهودهن سينتج عنها احترام لجميع حقوق الإنسان.
نحن مجموعة من النسوة تؤمن بالقدرة الهائلة التي تنبع من التضامن النسوي والشغف الذي تعمل به المدافعات عن حقوق الإنسان في القضايا المختلفة والشائكة بمنطقة معقدة وغنية بتاريخ نضالي متنوع سواء على المستوى الشخصي أو العام. وترتب على ذلك لقاء اجتمعنا فيه في العام الماضي (يونيو - حزيران 2013) لمشاركة بعضنا البعض آمالنا وتخوفاتنا فيما يحدث في المنطقة ومدى تأثيره على استمرارية عمل النساء مع/ وفي مجموعات ومجتمعات مختلفة ومن أجل مناقشة أوضاع المدافعات عن حقوق الانسان، واتفقنا على الحاجة الماسّة لإنشاء تحالف إقليمي يعبر عن صوت وقناعة ووجود مدافعات عن حقوق الانسان وما قد يتعرضن له من انتهاكات سواء من أنظمتهن أو مجتمعاتهن أو من سلطات محتلة. ولم نكتفي بالاجتماع مرة واحدة وإقرار ذلك، إلا إننا عملنا طوال عام كامل على تكوين هذا التحالف ليدافع عن حقوق وحريات نساء قد يكن مجهولات للكثير، لكنهن حاضرات في مجتمعاتهن.
اجتمعنا مجدداً في أغسطس (آب) 2014، لنعلن عن بدء تأسيس "التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان" ليصبح منبراً للدفاع عن حقوق المدافعات عن حقوق الانسان وطرح قضاياهن على مجتمعاتهن وأنظمتهن وعلى المجتمع الدولي باستخدام آليات المناصرة والدفاع والتوثيق وغيرها.
وفي فبراير 2015 تم عقد أول جمعية عمومية للتحالف وتم انتخاب أول لجنة تنفيذية واستشاريات ولجنة طوارئ التحالف، ليتم إعلانه وبدء العمل به. اجتمعنا ونحن قادمات من واقع مؤلم / وعمل مستمر. فالمدافعات عن حقوق الانسان يدعمن غيرهن من المواطنين والمواطنات وبعضهن ويتعرضن للتهديد أو الاتهام لهن في قضايا مثل عزة سليمان، المدافعة المصرية التي تحولت من شاهدة لمتهمة في قضية مقتل المدافعة المصرية شيماء الصباغ. وهناك استهداف وقتل للمدافعات في ليبيا مثل سلوى بوقعيقيص وانتصار الحصائري. يستمر في الوقت ذاته استهداف المدافعات السعوديات في حق القيادة مثل اعتقال المدافعتين السعوديتين لجين الهذلول وميساء العمودي وتحويلهن لمحكمة إرهاب، ويظل تدهور الأوضاع بسوريا واستمرار العنف الجنسي والاغتصاب للنساء، ومع تدهور أوضاع اليمن يتم خطف النساء واختفائهن مثل شيرين مكاوى وتستمر نتائج الحرب على غزة ليدفع ثمنه مواطني قطاع غزة وخاصة نساؤه بالإضافة إلى استمرار اغتصاب النساء في مناطق دارفور بالسودان.
وعلى الرغم من كل ما نتعرض له ويتعرض له الناشطات والناشطين، فنحن نتعهد باستمرار العمل على قضايا "المدافعات عن حقوق الانسان" وإدماج تلك النساء في التحالف حتى يظل "صوت المرأة ثورة".
*تهنئ عضوات التحالف النساء في المنطقة على النضالات المستمرة والدفاع المتواصل عن الحرية والعدالة والمساواة. كما تتمنى لهن استمرار النضال والديمومة والانتصار، حتى يصبح كل يوم، يوم المرأة.