أولًا: فلتلد انسانًا. ثانيًا: حاول تربيته أو تربيتها. هذا كل ما عليك فعله كي تخلق وحشًا صغيرًا خاصًا بك. فور أن تشتري لها فستانًا زهري اللون، أو تأخذه إلى مبارة كرة القدم الأولى فقد بدأ/ بَدَأَت في دخول الدائرة السيئة. سيفقدون تلقائيتهم الطبيعية رويدًا رويدًا وسيكون هناك ملاحظة يصعب عدم الالتفات لها، أن هناك في الواقع "هو وهي". إنها حاضرة في كل لغة وفي كل مجتمع في سياقات مختلفة. إن لم تُشر للأمر بنفسك فمدرسته/ مدرستها أو الأصدقاء أو البيئة المحيطة سيجعلون من المستحيل تجاهل الأمر في مستقبلهم القريب.
هناك هذان المكعبان أو القالبان وعلى المرء أن ينسجم مع أحدهم كي يتم قبوله في المجتمع. فإما أن تكون الأميرة التي تنتظر الأمير المنقذ أو يكون البطل الخارق الذي يحارب التنين. ولكن سيأتي يوم تدرك فيه أننا بممارسة لعبة الجنوسة والأدوار الجنسية قد أصبحنا جميعا هذا التنين المتوحش.
إسترجل!
هناك سبب يجعل أغلب الأولاد يردون على سؤال "ماذا تريد أن تعمل عندما تكبر؟" بـ "شرطى". إن الكلمة مرتبطة بالسلطة والسيطرة والعنف وهي صفات يفضلها المجتمع في الذكور. ولكن ما هي اختياراتهم؟ يقال أن الرجال يمارسون 80% من جرائم العنف في العالم. ولكن هل هذا يعني أن العنف في طبيعتهم وليس في طبيعة النساء؟ بشكل شخصي أنا أشك في ذلك.
لا يكتفي المجتمع بتحديد الطبيعة والأدوار الخاصة بالجنوسة عبر تحديد صفات وتصرفات مناسبة للذكور وأخرى للإناث فقط، لكنه أيضا يقيس الذكورة قياسًا كميًا بوصف أشخاص باعتبارهم "أقل رجولة" أو "أكثر رجولة". ويضع ذلك ضغوطا كبيرة على كل من الرجال والنساء بدفعهم للتصرف بناء على توقعات غير إنسانية. ليس على الرجل فقط أن يكون تنافسيا وعنيفا ومسيطرا وناجحا إقتصاديا وغير عاطفي، وهي، مرة أخرى، بعض الصفات المرتبطة إجتماعيا بالرجولة، ولكن هناك أيضا الضغط الواقع على الشخص كي يصبح الذكر الأفضل والأكثر سيطرة والأكثر رجولة. وبينما يكبر هؤلاء الصبية ليصبحوا رجالًا، يتعلمون أنه كي تكون رجلا عليك أن تكون الأكثر رجولة.
أن تتحدث عن الذكورة هو أن تتحدث عن العلاقات بين الجنسين. لا علاقة للأمر بالمساوة سوى في أن النساء والرجال قد تم قمعهم كي يلعبوا أدوارا جنوسية معينة. الذكورية تتجسد في مؤسسات وفي ثقافة وحياة الشخصية. والذكورة ديناميكية ودائمة التغير. أحد الأهدف القصوى لدراسات الذكورة هو إعطاء النساء والرجال فرصة لتحدي التراتبية الجنوسية وكسر الأعراف الإجتماعية بإدراك أن كل من الرجال والنساء عليهم أن ينشطوا في خلق توازن جديد ينقذ الفردية، بل وأقول الإنسانية، لتدمير الوحوش التي تعيش بداخلنا.
المشروع
بدءا من مايو 2014 دخل مركز نظرة للدراسات النسوية في شراكة مع مشروع "بُصي" على أمل إنتاج عرض يناقش مفهوم الذكورية في سياق المجتمع المصري. طوال ثلاثة أشهر عقدت ورشة حكي لمجموعة من الرجال والنساء المصريين لجمع قصص حقيقية حول بعض النقط الرئيسية مثل الذكورة والقوة الإقتصادية، الذكورة والعنف، أدوار الرجال وديناميكيات القوة داخل العائلة ومواضيع أخرى.
كان نتاج تلك الورشة عمل جاري سافر إلى أسيوط والإسكندرية والسويس. تم استقبال العرض بأشكال مختلفة حسب طبيعة كل محافظة. وتم تنظيم "ميكروفون مفتوح" في بعض المحافظات حيث شارك شباب وشابات بتجاربهم. أحد الشباب من أسيوط، يبلغ من العمر 21 عاما، قال: "أكثر ما يؤلمني هو عندما أمشي بجوار أختي الصغيرة ليلا وأشعر أنها خائفة. في أعماقي أعلم أنها لا تراني رجلا بما يكفي". وقالت فتاة في الثامنة عشر من عمرها من السويس: "كان يقال لي دائما أني رجل وكان من المفترض أن هذه مجاملة ولكني كنت دائما أريد أن أصرخ في وجوههم : أنا فتاة. لماذا لا يسمح لي أن أكون فتاة؟".
العرض
مشاهدة المخرجة سندس شبايك وهي تعمل على اللمسات الأخيرة في الصوت وتصميم الخشبة والإضاءة مع باقي طاقم العمل يجعلني أحيانا أنسى كم كان كل شيء حقيقيا. كم أن كل شيء حقيقيا. رؤية الحكائين وهم يتحركون على المسرح ويحكون قصصهم بأسلوب مسلي يجعلني أكاد أنسى كيف أن كل قصة حقيقية. كل العنف والخوف والذكريات والألم كانوا وما زالوا يحدثون بشكل يومي. يمكن أن يكون من الصعب أن نفتح عيوننا ونشاهد ونحاول أن نفهم كيف هي الحياة تحت مثل هذا العبء الثقيل. ولكن الواقع أكثر عنفا وقسوة ووحشية.
"عاش يا وحش" عبارة عامية يستخدمها الرجال عادة وخاصة في الصالات الرياضية لمدح رجل لكونه فج أو قوي.
أنضموا لنا يوم الجمعة 24 أكتوبر 2014 في مسرح روابط إما في السادسة مساء أو في الثامنة مساء، لمشاهدة الليلة الأخيرة من العرض الكاشف حول الذكورية في سياق المجتمع المصري.
* نشرت هذه المقالة في موقع مدى مصر بتاريخ 23 أكتوبر 2014.