في خطوة تصعيديه غير مبررة، أقدمت قوات الشرطة على اقتحام مقر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الحادية عشرة والنصف مساءً من يوم الأربعاء الموافق 18 ديسمبر 2013، حيث داهمت قوات الأمن الغشيمة مقر المركز وقامت بالقبض والاعتداء بالضرب على ستة من العاملين والمتطوعين بالمركز هم مسئول وحدة الأفلام الوثائقية مصطفى عيسى والمحامي بوحدة العدالة الجنائية محمود بلال والمتطوعون بالوحدة الإعلامية حسام محمد نصر، ومحمود السيد، ومحمد عادل، وشريف عاشور، ثم قامت باعتقالهم دون مسوغ قانوني واقتيادهم إلى مكان مجهول، كما قام أفراد الشرطة بتخريب بعض معدات الوحدة الإعلامية وأثاثها والاستيلاء على عدد من أجهزة الكومبيوتر المملوكة للمركز.
وفي حين باءت محاولات محامو المركز للتوصل إلى مكان المعتقلين طيلة ليلة أمس بالفشل نتيجة امتناع مسئولي الشرطة بأقسام عابدين وقصر النيل ومديرية أمن القاهرة عن تزويدهم بأي معلومات عن مصيرهم، فقد قاموا بتحرير محضر بوقائع اقتحام مقر المركز والاعتداء على العاملين والمتطوعين به واعتقالهم وتخريب محتويات المقر وسرقة بعض معداته. وقد تم صباح اليوم إطلاق سراح من تم اعتقالهم من العاملين بالمركز فيما عدا محمد عادل المتطوع بالوحدة الإعلامية ومازال مكان احتجازه مجهولا حتى هذه اللحظة.
ويؤكد المركز المصري أن ما لحق بأعضاء فريق العاملين به وبمقره من انتهاكات لا يمكن النظر إليه إلا في إطار التصعيد المستمر من قبل السلطة الحالية لحملتها المنهجية على المراكز الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، والتي انتقلت بهذه الخطوة من مرحلة التشويه والتحريض الإعلامي إلى مرحلة جديدة من الاستهداف المباشر دون أي غطاء قانوني. وبينما تتذرع السلطات المصرية بما يمارسه أفراد وجماعات بعينها من أعمال عنف وإرهاب ضد المجتمع كغطاء لحملاتها الأمنية المتصاعدة، فإن توسيعها المنهجي لنطاق هذه الحملات وما يصحبها من خطاب إعلامي تحريضي يتخطى بوضوح الهدف المعلن تحت لافتة “الحرب على الإرهاب“، ولا يمكن توصيفه إلا بمحاولات حثيثة لاستكمال بناء الدولة الأمنية لتعود هيمنتها على مجال العمل العام كما كانت عليه في عهد الديكتاتور المخلوع مبارك. وذلك ما يؤكده إصدار قانون متناقض مع الدساتير المصرية والعهود والمواثيق الدولية الملزمة لمصر بهدف قمع الحق في التظاهر والتجمع السلمي واستخدامه خلال الأسابيع الماضية في قمع تظاهرات سلمية وتعقب واعتقال للعديد من المدافعين والمدافعات عن حقوق الانسان وتلفيق تهم جنائية لهم، وتقديمهم لمحاكمات عبثية وغير قانونية. كما يؤكده التوسع اليوم في حملات الترهيب والترويع ضد منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان رغم عدم عملها بأي نشاط سياسي سواء كان في إطار الولاء للنظام أو معارضته، وإنما ينحصر عملها في الدفاع عن حقوق المواطنين التي أقرتها المواثيق والعهود الدولية وصدقت مصر عليها كما شملتها دساتيرها المتعاقبة بالحماية. وهو ما لا يدع مجالا للشك في أن الهدف الحقيقي لهذه الحملات هو غلق المجال العام وإخضاعه بشكل كامل للسيطرة الأمنية، في محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى ما هو أسوأ من قبل 25 يناير 2011.
وبينما أتي هذا العدوان على المركز المصري والعاملين به عشية مؤتمر يعقده المركز لعمال عدد من الشركات الذين يتعرضون للفصل التعسفي والتشريد وتجريدهم من مصدر رزقهم، فإن المركز ماض في عمله في الدفاع عن حقوق هؤلاء العمال وغيرهم، وكذا في عمله على كافة قضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي لا تزال الحكومة الحالية جريا على نهج سابقاتها منذ الإطاحة بالديكتاتور المخلوع، تنتهج ذات السياسات التي تجرد مواطنيها من التمتع بها. وهو واقع أظهرته بوضوح مجريات عملية مراجعة لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لالتزام مصر بالعهد الدولي لهذه الحقوق منذ أسابيع قليلة. وقد شارك المركز المصري مع عدد من المنظمات الحقوقية المصرية في تقديم تقرير مواز لتقرير الحكومة إلى اللجنة التي أتت توصياتها الختامية مؤكدة للصورة التي رسمها هذا التقرير من تدهور تمتع الغالبية العظمى من الشعب المصري بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وعلى رأسها حقوق العمال والحق في الصحة والتعليم و السكن والبيئة العمرانية وغيرها.
و بينما يحاول المسئولين إيصال رسالة للمواطنين عن طريق للإعلام بأن السبب في الاقتحام هو القبض على الناشط محمد عادل، نؤكد على أن ذلك عار تماما من الصحة، حيث ان قوات الداخلية، كانت متواجدة تحت العقار الكائن فيه المركز، قبل وصول عادل إليه، وان كان هو المقصود بذلك، فلما لم يلق القبض عليه قبل صعوده؟.
وان كان هو المقصود، فلما القبض على كل المتواجدين بالمكان؟ ولما إرهاب المتواجدين، و الدخول ببنادق رشاشة، ووضع فوهة تلك البنادق في فم المتواجدين، لإجبارهم على الامتثال وعندما سألهم المحام محمود بلال عن إذن النيابة، قاموا بالاعتداء عليه بالضرب، وحينما تدخل احد الضباط التابعين لقسم عابدين و المرافق للقوة، ليخبرهم انه يعرف بلال، وانه محام، تعدوا على ذلك الضابط، وقاموا بتقطيع السترة التي كان يرتديها.
إن ما تعرض له المركز المصري من عدوان هو الأول من نوعه في ظل نظام ما بعد 30 يونيو 2013، لن يثنيه عن المضي قدما في أداء رسالته الحقوقية، كما لن ينتقص من تصميمه على ملاحقة المسئولين عن هذا العدوان بالسبل القانونية. ويكرر المركز تأكيده أن السياسات الحالية للحكومة المؤقتة لا تهدد وحسب مسار خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية، وإنما تهدد بشكل مباشر ما تسعى مصر إلى تحقيقه من استعادة الاستقرار وتوفير الأمن لمواطنيها، ناهيك عن قطعها السبيل أمام تحقيق تطلعات الشعب المصري إلى بناء دولة مدنية حامية للحقوق والحريات في ظل العدالة وسيادة القانون. وعلى السلطات المصرية أن تعمل على تصحيح المسار على وجه السرعة من خلال إجراءات عاجلة يأتي في مقدمتها إسقاط فانون التظاهر القمعي والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين من النشطاء على خلفية تذرع وزارة الداخلية بتنفيذه، وإسقاط كافة التهم الملفقة ضدهم. كما تشمل هذه الإجراءات وقف الخطاب الإعلامي المحرض ضد منظمات المجتمع المدني والمجتمع الحقوقي، وكذلك بدأ مسار واضح للعدالة الانتقالية الشاملة للتحقيق في كافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في عهد نظام المخلوع وفي ظل الأنظمة المتتابعة بعد الثورة التي أطاحت به، ومحاسبة ومعاقبة المتورطين فيها، وتعويض المتضررين ماديا ومعنويا، وإصلاح المؤسسات المتورطة في هذه الانتهاكات وعلى رأسها الجهاز الأمني، وجهاز العدالة.
وقد تقدم محامو من المنظمات الحقوقية، ببلاغ للنائب العام عن أحداث الأمس، وتحميله مسئولية أي اعتداءات تقع على محمد عادل، ويطالبونه بإعلامه بمكان احتجازه، ومكان عقد تحقيقات النيابة معه.
المنظمات الموقعة:
1. الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان.
2. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية.
3. دار الخدمات النقابية والعمالية.
4. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
5. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
6. مركز الأرض لحقوق الإنسان.
7. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
8. المركز المصري لدراسات السياسات العامة.
9. المركز المصري للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية.
10. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.
11. مركز أندلس لدراسات التسامح.
12. مركز هشام مبارك للقانون.
13. مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية ACT.
14. مصريون ضد التمييز الديني.
15. منتدى رفاعة الطهطاوي لدراسات الديمقراطية.
16. مؤسسة الشهاب للتنمية المستدامة.
17. مؤسسة المرأة الجديدة.
18. المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة.
19. مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
20. مؤسسة عالم واحد للتنمية.
21. مؤسسة قضايا المرأة المصرية.
22. نظرة للدراسات النسوية.