أحداث القبض والتحقيقات
كنت ماشية في مسيرة في أمانة الله وواخدة بطاقتي وقطن وشاش وبيتادين وسرنجات من التحرير للاتحادية، ماشيين عادي بنات وصبيان. العدد كان حوالي 500 – 600 وكل مدى العدد بيزيد. عند ميدان النزهة بدأت أحس بالقلق. عساكر برتب وشباب لابسين لبس ملكي (المباحث) بدأوا يجرّوا شكل الشباب: "كده هتعطلوا الطريق"، كان في شباب هيمسكوا فيهم، سلكناهم، فالشباب مشيوا. كان في واحد ماشي بيحاول يصور أي حاجة. أنا كنت لابسة علم مصر عاملاه وشاح (سكارف) على وشي علشان لو في غاز. كان في بنت بتحاول تصور بس تفهمت ومصورتش. فجأة لقينا ناس انضمت لابسة أسود وكانوا بيهتفوا. فوجئنا بأمن مركزي وضباط كثير واقفين. وصلنا على الساعة 3 أو 3:30 العصر. لقينا طوب بيتحدف من ناحية العساكر والشباب هتفت وهما اتجننوا أكثر بعد ما هتفنا: "يا أبو دبورة ونسر وكاب... غاوي ليه قتل الشباب". بعدين فوجئنا بمولوتوف يترمي من ورانا وقلنا بلاش، بس الناس ردت والضرب زاد والناس بدأت تجري ورا. لقينا واحد رتبة كبيرة ماسك رجله وبيحاول يجري وأنا كنت رايحة أجري علشان أسعفه، وفوجئت بالمدرعة بتجري عليا لوحدي ومصوبة عليا السلاح. كنت مزنوقة في وسط كماشة متكونة من أكثر من 20 – 30 عسكري أمن مركزي وكلهم مصوبين عليا وبيقولولي "متجريش يا ولية"، أنا مش عارفة هما طلعوا منين، وقلتلهم: "هجري فين، ما أنا واقفة أهو"، ولقيت 3 ضباط لابسين ملكي كبار في الحجم، وواحد مسكني من قفايا وايدي، وقذارة في الشتايم، وقلتله: "أنا ماشية معاك أهو"، وضربوني بعزم ما فيهم وضرب بالأقلام وألفاظ قذرة، يا مرة يا كذا يا كذا... ومستمر في الضرب وموقفني عند عربية الترحيلات الكبيرة. كان معايا فانلة الجندي (الشهيد محمد الجندي) وجلابية بيضاء – زي ما يكون قلبي حاسس– علشان يترسم عليها علم مصر وهي متكتفة ويتكتب عليها الجبهة الحرة للتغيير السلمي. وفتحوا الشنطة ولقوا فيها قطن وبيتادين وبلاستر طبي وجوانتي، وبالرغم من ده كملوا ضرب، وأنا ولا دمعة نزلت، ربنا كان مديني قوة، ولو كان معايا حاجة، كنت هدافع عن نفسي. قعدت في عربية الترحيلات أكثر من ساعة، وهتجنن لأني سامعة صوت ضرب وصريخ ومتهيألي لو كان نخنوخ هو اللي محبوس مكاني، مكنش اتعمل عليه الإجراءات دي كلها. لما رحنا القسم، كانت الدنيا مقلوبة. رحنا نقطة شرطة النزهة ولقينا العساكر بيقولوا: "خشوا يا ... ويا ..."، لكن أمناء المرور كانوا متعاطفين معانا وقالوا للعساكر يسيبوني أنا وبسمة. في ولد كان عنده شرخ في رجله وواحد تاني في ايده. الأمناء خلونا نتكلم في التليفون وبلغنا ان الشباب اتضربوا جامد. قلت للضابط: "طلع الطبنجة واضربني بيها وبلاش الشتايم والاهانات دي". بعد كدة التحقيقات بدأت مع ضابط أمن وطني ملكي. قعدني على الأرض وزنقني في الطرابيزة وقاللي: "هتحوري عليا يا مرة يا شرموطة، هتشوفي حاجات تانية، احنا قاعدين مع بعض للصبح...مين اللي بيمولكم؟" رديت: "محدش بيمولنا، أنا أصلا ممرضة في عيادة خاصة مع 3 دكاترة وزوجي عامل 3 عمليات غضروف. أنا بنزل للخير وبنزور مصابين الثورة".
الضابط: "عرضوا عليكي فلوس؟".
أنا: "لأ، احنا مش تبع حد، احنا في الجبهة الحرة للتغيير السلمي بنساعد المتظاهرين أياً كان"، وعسكري قاله: "الست دي كانت بتجري ورا واحد من زمايلنا علشان تسعفه".
أنا كنت قلقانة على بسمة أوي، وقلتله: "مصر كلها ممكن تكون بلاك بلوك، وأساس البلاك بلوك خيرت الشاطر..".
وسألني الضابط: "بتتجمعوا فين؟ مش هيرحنا الكلام ده".
اتعرضنا تاني يوم على النيابة...الحجز أجارك الله، مفيش حاجة نقعد عليها. دخلونا لرئيس المباحث وقلتله: "اللي قالتلك حدفت طوب دي (بسمة) كانت واقفة جنبي وهيغمى عليها...".
الضابط: "تلاقيكي منهم...قولها يا حاجة، علشان هي عملت حجة النهاردة" (ودي طبعا معناها قذر جدا).
ورئيس المباحث قالي: "أنا ممكن دلوقتي أقولك حاجة، أخلي كله يضحك عليكي، بما فيهم الممسوكين".
قلتله: "احنا عايزين نعيش، ولادي يعرفوا ياكلوا ويشربوا، يشتغلوا، ابني يلاقي وظيفة، ومتفتكروش ان المرأة ضعيفة، أنا قلبي جمد من يوم 28 يناير لما راسي اتفتحت".
قعد يقوللي (الضابط): "ده انتي مرة ..." ويزنق رجلي بجزمته... وكان كل شوية يقوللي: "احنا مطولين مع بعض...وانتي فاهمة بيتعمل ايه من الأمن الوطني وأمن الدولة".
سجن القناطر واستكمال التحقيقات
بعد كدة رحلوني على سجن القناطر، بس الأول رحت مستشفى منشية البكري علشان يتعملي تحليل حمل...أنا من مواليد 1959... ازاي اختبار حمل يعني... ده انا لو كنت طلعت حامل، كنت هعمل فرح! أنا عرفت بعد كده أن ده تحليل مخدرات. بعد كدة رحت القناطر وقلت لبنتي تمشي. كانوا ملبسني الأساور الحلوة ومعايا 6 أمن مركزي و2 شرطة باللبس الأبيض، ده غير الظابط ومعاه حرس (علشان العربية كانت مكشوفة). بالنسبة بقى للسجن لما وصلت، دخلت أوضة في السجن اسمها القيراط: سراير تعذيب للي هينام عليها بسلالم ومش بالساهل حد ينام على السرير. الأوضة بينام فيها من 21 لـ 30 واحدة والريحة بشعة.
النبطشية: دي واحدة محكوم عليها فترة طويلة وبتدي أوامر مين ينام ومين لأ. في التحقيق والعرض لما اترحلت من السجن قالولي مينفعش تتعرضي كدة وبسمة قالت بحسن نية ان معاها عباية سمرا، فقالولي أروح ألبسها ووقفونا في النص والضابط قال ان بسمة رمت مولوتوف وأنا حدفت طوب، والكلام ده كله كذب، ووقفونا بترتيب معين علشان الضابط يعرف يتعرف علينا كذب وظلم.
القيراط: السجينة بتقعد فيها 11 يوم وبعدها بيتم التوزيع على العنابر. الكانتين زحمة جدا وحجرين القلم (بطاريات) بتتباع فيها بـ10 جنيه. في واحدة جمعنا ليها سجاير بألف جنيه جوه السجن علشان الكفالة تتدفع. بيدونا الأكل ني (اللحمة والباذنجان الرومي) والفول في جردل وحاجة سودة. ولازم الواحدة تراضي السجانات الصبح وياكلوا واللي بتنده على الزيارة ليها علبة سجاير.
نائب المأمور – اسمه بكر– والضابط تامر كانوا كويسين أوي معايا، والسجينات هناك على شعرة وقالولي أتكلم عن أي حاجة من اللي بتحصل جوه.
أنا قضيت الـ11 يوم في القيراط بالطول والعرض...التحريات قعدت 15 يوم وبعدين 15 يوم تاني. اتجننت وقعدت أقولهم: "أكبر حرامية البلد طلعتوهم براءة، أنا أقعد 15 يوم تاني ليه"، أنا انهرت أكثر لما لقيت الشباب تحت حالتهم وحشة...قولتلهم: "أي حد يضربكم...قولوا يا رب... احنا معملناش حاجة وحشة وكل رموز الفساد معززين مكرمين... ومش احنا اللي أهنا محمد مرسي... هو اللي أهان كل ست وكل بنت".
على فكرة، أنا وأسرتي قاعدين في أوضة ومطبخ وحمام. أنا في بيتي قاعدة على الأرض. يمكن الأرض اللي في النيابة أحسن من الأرض اللي عندي... فقبل ما يقوللي بتنزلي... يشوفوا أنا نازلة ليه.. أنا مقدمة على شقة من 2005 بورق زوجي المريض ولحد دلوقتي محدش بيعمل حاجة... الناس دي كدابة ومبتعملش حاجة. حكم الإخوان ضرير وقفل على فمي أكثر من ايدي... أكرملنا نموت بالرصاص ونموت بكرامة، عن ما نعيش متهانين. وعلى فكرة، في يوم 26/4 في ناس اتقبض عليها من جوه المحلات.
عنبر التحقيق: في أوضة للجوازات. لما عملت اضراب عن الطعام لمدة 4 أيام، النبطشية نصر دي هي اللي أقنعتني إني آكل، وقالتلي لو عملتي اضراب شهر، هيودوكي المستشفى ويا تلاقي محلول او لا... انتي وحظك... ولو موتي هيلفوكي في بطانية سوداء وخلصت على كدة. في السجن الناموسية والمراوح بتتأجر بالفلوس (السجاير) والسراير كمان، يعني مثلا الشورت والتي شيرت بخرطوشة سجاير.
أكثر حاجة كانوا بيمنعونا عنها هي المسجد (مش سهلة نروح المسجد).
قرار اخلاء السبيل طلع الثلاثاء وفضلت قاعدة لحد يوم الجمعة.
وعلى صعيد آخر في السجن، الأموال العامة عايشين برنسيسات. والكشف الذاتي بيتم بطريقة بشعة ويمكن يتنقل أمراض عن طريقها. السجانة بتستخدم نفس الكيس وبتطلعه من ماسورة جنبها.
في النهاية، لازم أشكر ضابط المباحث الأستاذ تامر ومأمور السجن الأستاذ محمد ونائب المأمور الأستاذ بكر لمحاولتهم لمساعدتي دايما ومحاولتهم اعفائي من الكفالة علشان أخرج يوم الجمعة، وكل المحامين اللي وقفوا جنبي في الفترة دي والجبهة الحرة للتغيير السلمي لوقوفهم جنب عيلتي وأنا جوه السجن وجبهة الدفاع عن متظاهرى مصر اللي وقفوا جنبي.