تعرب المنظمات الموقعة أدناه عن تقديرها للجهود التي انخرطت فيها لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب، من أجل العمل على مسودة مشروع قانون جديد للجمعيات والمؤسسات الأهلية، والذي بادر بطرحه حزب الحرية والعدالة.
كما تقر المنظمات الموقعة أدناه أن نصوص المشروع تبدو متقدمة إذا ما قورنت بنصوص القانون الحالي للجمعيات، أو بمشروعات القوانين التي كان -وما يزال- يجري التخطيط لفرضها على المجتمع المدني من داخل مطبخ وزارة التأمينات الشئون الاجتماعية والاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وربما يحسب للمشروع في صياغته الأخيرة الاتجاه للحد من بعض التدخلات الإدارية التعسفية في العمل الأهلي، وميله للأخذ بمبدأ الإخطار في تأسيس الجمعية بدلاً من الترخيص المسبق، وإلزامه لجهة الإدارة بالاحتكام للقضاء، إذا ما كان لديها من الأسباب ما يوجب رفض تأسيس الجمعية أو يقضي بحلها، ومع ذلك فإن المنظمات الموقعة تؤكد أن المشروع لا يزال بعيدًا عن مسايرة المعايير الدولية التي تكفل حرية واستقلال العمل الأهلي، وتحميه من كافة أشكال التدخلات التعسفية والوصاية الإدارية.
إذ يظل المشروع أسيرًا في بعض نصوصه لفلسفة الهيمنة والتقييد والوصاية الإدارية التي كرست عبر عدة عقود، وكنا نظن أن برلمان ما بعد الثورة سوف ينحاز -بصورة صارمة- لإحداث قطيعة نهائية مع تلك الفلسفة، و يساير على الأقل النهج الذي سار عليه التشريع في تونس وليبيا بعد الثورة، وتمخض عنه تبني قوانين عصرية لتحرير العمل الأهلي، تخلصه من قبضة الإدارة والوصاية الأمنية والبيروقراطية.
وتحذر المنظمات الموقعة من أن بعض أوجه التقدم التي ينطوي عليها هذا المشروع من الممكن الالتفاف عليها، في ظل بعض نصوصه التي تجنح إلى الغلو والإفراط في الرقابة على العمل الأهلي، سواء من خلال جهة الإدارة أو الاتحادات أو اللائحة التنفيذية.
وضع مشروع القانون في مادته التاسعة قيد فضفاض وغير منضبط على أنشطة الجمعية باستعمال مترادفات وألفاظ فضفاضة كالوحدة الوطنية، النظام العام والآداب العامة. وتؤكد المنظمات الموقعة أن مثل هذه الألفاظ طالما استخدمت من قبل في رفض تأسيس وإشهار العديد من الجمعيات، ونود أن نذكر بأنه في جميع الأحوال ودون الحاجة إلى النص لا يجوز –وفقًا لقواعد القانون العام– تأسيس جمعية تدعو لأمر يجرمه أو يحظره القانون، إلا أن مصطلحات النظام العام والوحدة الوطنية والآداب العامة قد تستخدم في المستقبل للرفض أو الاعتراض على تأسيس بعض الجمعيات.
في هذا الصدد تؤكد المنظمات الموقعة، الحاجة إلى الضبط القانوني لبعض صياغات المشروع، والتي يمكن أن يشكل الإبقاء عليها مدخلاً مواتيًا لمزيد من التعسف الإداري، ويرد في هذا السياق على وجه الخصوص ما تمنحه بعض المواد 12، 13 من المشروع لجهة الإدارة من صلاحيات للاعتراض على حق الجمعية في تلقي الأموال وقبول التبرعات، دون تحديد للأسباب أو الدوافع القانونية التي قد توجب هذا الاعتراض، مما يعد مدخلاً غير مباشر لتقييد أنشطة الجمعيات.
كذلك مال المشروع للتمييز ضد المنظمات الأجنبية بشكل يذكرنا بفلسفة ونهج القانون الحالي رقم 84 لسنة 2001، حيث جعل مشروع القانون إجراءات تسجيل تلك المنظمات طويلة ومعقدة، مقيدة بيد وزارة الخارجية ووزارة التأمينات والشئون الاجتماعية، مما قد يجعل المنظمات الأجنبية حائرة بأوراقها بين الجهتين ويعيدنا للوضع في القانون الحالي، كما منحت المادة 53 من المشروع لوزير الشئون الاجتماعية سلطة مطلقة في إلغاء تصريح ممارسة النشاط للمنظمة الأجنبية أو إيقاف نشاطها إذا ما خالفت التزاماتها بمقتضى القانون. وقد كان يتعين في مثل هذه الحالات الاحتكام إلى القضاء والخضوع لأحكامه.
مازال مشروع القانون ينظر للجمعيات بعين الريبة والشك، ويفرض عليها قيود وأعباء محاسبية غير مبررة، كأن تقوم الجمعية بنشر كافة السجلات والبيانات الخاصة بنشاطها ومصادر تمويلها ومصروفاتها وتقارير الميزانية والحسابات الختامية على الموقع الإلكتروني للاتحاد الإقليمي المسجلة به الجمعية وأن تقوم الجمعية بتحديث تلك البيانات كل ثلاثة أشهر، وأوجب مشروع القانون جزاء الجمعية حال مخالفتها ذلك بمنعها من الحصول على أموال من الخارج أو جمع تبرعات.
ومع أنه من المفترض أن تحدد الجمعيات اختصاص وصلاحيات الاتحادات التي تنشئها بإرادتها المستقلة، فإن مشروع القانون قد وضع في المادة 5 على عاتق الاتحادات الإقليمية إنشاء سجل خاص بالجمعيات والمؤسسات الأهلية، تسجل من خلاله الجمعيات وتودع بها وثائقها الأساسية، وألزم الجمعيات في المادة 11 إخطار الاتحاد الإقليمي بأي أنشطة تجريها مع جمعيات أو هيئات أو منظمات. كما ألزم الجمعيات في المادة 17 بتسليم نسخة من حساباتها الختامية وقرارات جمعياتها العمومية ومجلس الإدارة للاتحاد الإقليمي. وبموجب المادة 32 فإن رئيس الاتحاد الإقليمي يجوز له دعوة أعضاء الجمعية العمومية للانعقاد ولانتخاب مجلس إدارة جديد للجمعية إذا ما أصبح عدد مجلس الإدارة لا يكفي لانعقادها.
وتشير المنظمات الموقعة إلى أن أوجه التقدم في المشروع يمكن محاصرتها أو تقويضها أيضًا من خلال التوسع في الإحالة إلى اللائحة التنفيذية -التي ستتولى وزارة الشئون الاجتماعية إعدادها- وقد كان يتعين على واضع المشروع توخي الحرص في أن تأتي نصوصه بالوضوح الكافي الذي يغل يد جهة الإدارة في وضع مزيد من القيود على العمل الأهلي عبر اللائحة التنفيذية التي تحتكر إصدارها.
كما تلاحظ المنظمات الموقعة أن المشروع الذي نحن بصدده لم يقو على التخلص من النزعة الاستبدادية التي تتعدى على الحق الأصيل لمؤسسي الجمعية وأعضاء جمعيتها العمومية في صياغة نظمها الأساسية بحرية وتحديد قواعد عملها، وطرق تشكيل هيئاتها المنتخبة، ونظام عقد جمعيتها العمومية العادية أو غير العادية، وهو ما يتجلى على وجه الخصوص في المواد 22، 23، 24، 25، 26 و27 من المشروع.
يُحسب لمشروع القانون أنه ألغى العقوبات السالبة للحرية لأول مرة منذ عام 1956 إلا أننا نعتقد أن النظام العقابي الوارد بمشروع القانون في حاجة إلى مراجعة، حيث أنه ينص على غرامات مالية باهظة، إذ نرى أن أي قانون ينظم العمل الأهلي يجب ألا ينطوي على عقوبات جنائية بل تستبدل تلك العقوبات ببعض المخالفات الإدارية وحرمان من المزايا المنصوص عليها في القانون، وفي حال ارتكاب الجمعية أو أحد أعضائها جريمة جنائية تتم المعاقبة وفقًا لقانون العقوبات.
يؤخذ على مشروع القانون في هذا السياق أيضًا ما ذهب إليه في المادة 61 فيما يتعلق بالعقوبات التي توقع على الجمعية، من سلطة تقديرية للمحكمة في اختيار نوع العقوبة بما يتناسب مع جسامة المخالفة المنسوبة للجمعية، ومن ثم يصبح تقدير العقوبة محلاً للتباين والاختلاف من قاض لآخر، الذي يتعين عليه أن يعمل على تقديره الشخصي ليحدد مدى جسامة المخالفة.
أيضًا يبدو جليًا أن المشروع يعاني من التخبط في نظرته إلى الاتحادات، فهو تارة يميل إلى أنها تنشأ على أساس طوعي لكنه يعود لمنحها نوعًا من الوصاية على المنظمات والجمعيات المنشئة لهذا الاتحاد. وهو ما بدت بعض مظاهره فيما رسمه المشروع من أدوار للاتحادات الإقليمية وصلت في المادة 59 لحق الاتحاد الإقليمي في اللجوء إلى القضاء للاعتراض على قرارات الجمعية العمومية أو مجلس إدارة الجمعية أو أي من أنشطتها، كما منح المشروع أيضًا للاتحاد العام للجمعيات في المادة 61 الحق ذاته إذا ما ارتأى أن الجمعية قد خالفت نظامها الأساسي. كما نص مشروع القانون علي تقييد حق الجمعيات في إنشاء أكثر من اتحاد إقليمي في المحافظة الواحدة وحظر ذلك بشكل قاطع في المادة 46 منه.
وأخيرًا فإن المنظمات الموقعة تدعو لجنة حقوق الإنسان وأعضاء البرلمان عمومًا إلى التريث في مناقشة هذا المشروع وإفساح المجال لحوارات أوسع مع منظمات حقوق الإنسان والمنخرطين في العمل الأهلي من أجل معالجة أوجه القصور التي يعاني منها المشروع والارتقاء بنصوصه لتلبي متطلعات طال انتظارها من أجل تحرير العمل الأهلي.
الموقعون على البيان:
1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
2. أولاد الأرض لحقوق الإنسان
3. البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان
4. جماعة تنمية الديمقراطية
5. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
6. جمعية أمي للحقوق والتنمية
7. جمعية جذور للتنمية الشاملة
8. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
9. جمعية كلمتنا للحوار والتنمية
10. جمعية معاكم للمساعدات الاجتماعية
11. حملة حرية التنظيم
12. دار الخدمات النقابية والعمالية
13. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
14. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
15. مبادرون للتنمية الثقافية والإعلام ببورسعيد
16. مركز الأرض لحقوق الإنسان
17. المركز الدولي لدعم الحقوق والحريات
18. مركز الرسوة لدراسات حقوق الإنسان ببورسعيد
19. مركز الشهيد لحقوق الإنسان
20. المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة
21. مركز القاهرة للتنمية
22. المركز المصري لحقوق المرأة
23. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
24. مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
25. مركز حابى للحقوق البيئية
26. مركز هشام مبارك للقانون
27. مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية – أكت
28. مصريون ضد التمييز الديني
29. المعهد المصري الديمقراطي
30. المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
31. المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
32. مؤسسة الانتماء الوطني لحقوق الإنسان
33. مؤسسة الحياة الأفضل بالمنيا
34. المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان
35. مؤسسة المرأة الجديدة
36. مؤسسة المرأة والذاكرة
37. المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة
38. المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
39. مؤسسة حرية الفكر والتعبير
40. مؤسسة قضايا المرأة المصرية
41. مؤسسة هي للمرأة
42. نظرة للدراسات النسوية