هذه هي الفكرة التي تسيطر على عقلي بشكل مستمر.
لقد تعلمت كمدافعة عن حقوق الإنسان أن أتغاضى عن عواطفي وأن أستمر في العمل. لقد عملت على تغطية انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين منذ أكثر من عامين إلى الآن، ووثقت حالات الاعتقال التعسفي، والتعذيب الممنهج، والاغتصاب، والاختطاف، والقتل خارج إطار القانون، إلى آخره من القائمة الطويلة لانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في البحرين.
في عامي الرابع والعشرون تعلمت كيف يحدد العالم قيمة الحياة. في البحرين، معيشة أمة بأكملها لا تساوي قيمة برميل واحد من النفط الذي تبيعه المملكة العربية السعودية إلى دول الغرب، فالسياسة والمصالح الجغرافية السياسية هي التي تقرر إذ يستطيع شعب الحياة بكرامة أو النظر إليهم بنظرة أدنى من كونهم آدميين.
إن تسييس الحالة الإنسانية ليست موجودة فقط داخل الدول ولكن أيضاً على مستوى الآليات الدولية التي من المفترض أن تقوم بحماية حقوق الإنسان. أثبت ما يسمى بالربيع العربي مرة أخرى أننا لازلنا نعيش في عصر لا يمكن فيه لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن يعمل من تلقاء نفسه، إلا قليلاً. على مجلس حقوق الإنسان، كغيره من الهيئات، أن تخضع للسلطات أينما كانت.
وفي مواجهة العقبة الهائلة المتعلقة بالمصالح الجغرافية السياسية، أصبح أكثر صعوبة بالنسبة لي أن أبقى متفائلة ومتحمسة. من الصعب أن أبقى محايدة وأن أرفض تناول قضايا شخصية لأفراد عائلتي الذين تعرضوا للحبس والتعذيب.
إنني أخشى دائماً من أن تأتيني مكالمة هاتفية لتحمل خبر أنني لن أستطيع رؤية والدي مرة أخرى. لا أستطيع تخيل الحياة بدون والدي، ولا أستطيع التصالح مع عالم يسمح لوالدي أن يموت.
اليوم، الخامس من إبريل، هو يوم ميلاد والدي عبد الهادي الخواجة، الرجل الذي كرس حياته للنضال من أجل حقوق الإنسان، والذي درب العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين، وهو معروف الآن بالأب الروحي لحقوق الإنسان في البحرين. والدي الذي تعرض للضرب حتى فقد الوعي أمام عائلته، ثم اعتقل وتعرض بعدها للتعذيب الشديد لشهور. والدي، حُكم عليه بالسجن مدى الحياة من محكمة عسكرية. والدي، في يومه السابع والخمسون لإضرابه عن الطعام، وهي طريقته الوحيدة للاحتجاج على الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان من قبل النظام البحريني ضد شعب البحرين.
والدي، عبد الهادي الخواجة يحتضر ليعيش، حرفياً.
هذا ما يدفعني للدفاع عن حقوق الإنسان، وهذا ما سيجعلني أستمر في النضال.