وضع الحادي عشر من مارس الجاري نقطة تحول فاصلة في تاريخ العالم والإنسانية، حينما أكدت منظمة الصحة العالمية تحول فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إلى "جائحة عالمية". أصبحت البشرية بأكملها في حاجة للنجاة معاً واعتماد قيم المسؤولية والتشاركية والتضامن أمام مواجهة آلاف البشر يومياً لخطر الإصابة أو الموت ما بين علاج لم يكتشف بعد، وأنظمة صحية لا تقوى على التعامل مع حجم انتشار الفيروس في أغلب الدول، وارتباك للقيادة السياسية في معظم الدول أمام كل متطلبات وتبعات هذه الجائحة.
انضمت مصر لقائمة الخطر مع ظهور ثاني إصابة في أول مارس الجاري، واعتمدت الحكومة المصرية عدداً من الإجراءات والتدابير الحكيمة – وإن تأخرت بعض الشيء – في محاولات احتواء الأزمة وإبطاء معدل انتشار وتفشي الفيروس. وفي ظل تضامننا الكامل مع محاولة الجميع لبذل الجهد اللازم لتجنب منعطف كارثي للأزمة في إطار من التوتر والخوف على حيواتنا وحيوات المحيطين/ات بنا، إلا أننا أيضاً نسجل مخاوفنا العميقة من أوضاع النساء المصريات اللاتي يواجهن الأزمة وهن جزء من مجتمع يرسخ قيم الأبوية والقهر والتمييز والعنف ضدهن منذ عقود طويلة. النساء يواجهن الآن كل هذه المخاطر وتبعات انتشار وتفشي الوباء وهن في موقع أضعف وأشد احتياجاً لتدابير خاصة وعاجلة لحمايتهن. وفي مرحلة زمنية قد لا ينتبه الجميع فيها لأولوية أوضاعهن رغم مضاعفة الأعباء الاجتماعية والنفسية والاقتصادية عليهن.
ولأننا كنسويات نؤمن دائماً بالتضامن وإعلاء قيم المسؤولية الجماعية والعمل التشاركي وتجميع الجهود والخبرات اللازمة للنجاة بمواطني ومواطنات مصر من هذا الخطر ونؤمن تماماً بالدروس السابقة من خبرات العالم في أوقات الأزمات أن المجتمعات تنجو بمجهودات النساء وأدوارهن الفعالة. نرى أن مسؤوليتنا الآن هي التركيز على أوضاع نساء مصر من مختلف الفئات واحتياجاتهن في تلك المرحلة، ومحاولات اقتراح عدد من الحلول والتدابير العاجلة بناءاً على بحث وقراءة لعدد من الخبرات التي تسهم في تحسين أوضاعهن وحمايتهن خلال تلك الفترة المتأزمة.
ننضم إلى الحركات النسوية في مختلف أنحاء العالم التي تحاول حالياً بكل جهدها تفادي الوصول لمجتمعات أكثر ظلماً وتمييزاً ضد النساء، وتبذل طاقتها كي لا تضيع كل الجهود التي بُذلت تاريخياً من أجل حماية وتمكين النساء وكي لا يأتي يوم تُستثنى فيه النساء من أخلاقيات النجاة وقيم العدالة، أو يخبرهن العالم أن واجبات حمايتهن من العنف والتمييز ليست ذات أولوية.
لذا ستعمل نظرة خلال الفترة القادمة على إصدار عدد من أوراق سياسات ومقترحات وتصميمات بصرية تلقي الضوء على أوضاع نساء مصر والإجراءات وبعض التدابير الطارئة اللازمة لحمايتهن.