خطاب مفتوح من لجنة النساء والدستور إلي لجنة إعداد الدستور

بيان مشترك

8 سبتمبر 2013

السادة والسيدات الأفاضل أعضاء وعضوات لجنة إعداد الدستور

تحية طيبة،

يتقدم إليكم تحالف المنظمات النسوية المصرية بخالص التهنئة على المشاركة في صياغة الدستور المصري، على أمل بأن يأتي دستور مصر في شكله النهائي معبرا عن روح ثورة يناير ومطالب الشعب المصري في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والاستقلال الوطني. ونود فيما يلي إشراككم في رؤيتنا بشأن حقوق النساء المصريات في الدستور.

لقد شاركت النساء المصريات في الحراك الوطني والثوري المصاحب لثورة 25 يناير منذ إرهاصاتها المبكرة وفي موجاتها المتتابعة، ومع ذلك توالى تهميش النساء من المسار السياسي بدءا من إقصائهن عن لجنة التعديلات الدستورية على دستور 1971، ثم إلغاء حصة المرأة في البرلمان (كوتة المرأة) في الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس العسكري، وكذلك ضعف تمثيل النساء في الجمعية التأسيسية الأولى لكتابة الدستور ثم في لجنة إعداد الدستور الحالية، ذلك إلى جانب كافة محاولات إلغاء حقوق ومكتسبات النساء وإقصاء النساء عن مواقع صنع القرار. وقد جاءت الطامة الكبرى في دستور 2012 الذي لم يكتف بتهميش تمثيل الناشطات النسويات في مسار كتابته وإنما خرج في ديسمبر 2012 وقد تجاهل حقوق النساء بما يؤسس لجمهورية لا صوت ولا تمثيل ولا حق فيها لجموع النساء المصريات.



فيديو | النساء والدستور..شكل الدولة والمواد المقترحة

ومع إعلان تصحيح مسار ثورة يناير في أعقاب موجة 30 يونيو، وعند طرح خارطة الطريق التي تتضمن الاستجابة لأهم مطالب الثورة في دستور يعلي قيم العدالة والمساواة والحرية، لاحت بوادر أمل جديد في دستور ينصف النساء وينص على عدم التمييز وتكافؤ الفرص، إلا أن بوادر الأمل ما لبثت أن أخذت في الأفول مع صدور النسخة المعدلة من دستور 2012 المعطل.

واستمرارا لنهجنا في طرح رؤيتنا بشأن مسار كتابة دستور مصر الثورة، فإننا نتقدم فيما يلي بعرض لموقفنا من المواد التي تضمنتها تعديلات لجنة الخبراء على دستور 2012، وكلنا أمل أن تؤخذ رؤيتنا في الاعتبار وأن يتاح لنا مجال المشاركة في إدراج حقوقنا في الدستور المصري.

أولا: جاءت المادة (11) في التعديلات الأخيرة تنص على الآتي: "تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة، ورعايتها، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية، وتولى الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة ".

وإننا هنا نعترض على نقطتين جوهريتين. فالصيغة "مساواتها بالرجال" لا تشير إلى حق النساء في المساواة باعتباره مبدأ عاما، وهو ما يتم ترسيخه لاحقا في عبارة "دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية" بما يوحي بأن المساواة تتعارض مع الشريعة الإسلامية، ومن هنا يجب حذف تلك العبارة من هذه المادة خاصة في ظل وجود المادة (2) في الدستور والتي تنطبق على كافة ما يليها من مواد، وإلا كان لزاما إضافة عبارة "دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية" في متن كل مادة من مواد الدستور.

ثانيا: جاءت المادة (38) لتنص على الآتي: "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو النوع أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو لأي سبب آخر."

وتأتي تلك المادة لتنص على المساواة وعدم التمييز دون ضمانات لتنفيذها، ودون تأكيد على تكافؤ الفرص ودون تجريم للتميز.

ومن هنا فإننا نقترح أن يتم تعديل هذه المادة كالآتي: "المواطنون والمواطنات لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، وتكفل الدولة تكافؤ الفرص بينهم جميعا في جميع المجالات، كما يجوز اتخاذ تدابير تشريعية أو غيرها لحماية أشخاص أو فئات معينة للنهوض بأوضاعهم. ويجرم التمييز ضد أي مواطن أو مواطنة بسبب الجنس أو النوع أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو لأي سبب آخر."

ثالثا: جاءت المادة (60) تنص على الآتي: "لكل طفل فور الولادة الحق في اسم مناسب، ورعاية أسرية، وتغذية أساسية، ومأوى، وخدمات صحية، وتنمية دينية ووجدانية ومعرفية .وتلتزم الدولة برعايته وحمايته عند فقدانه أسرته، وتكفل حقوق الطفل المعاق وتأهيله واندماجه في المجتمع .ويحظـر تشغيل الطفـل في أعمال لا تناسب عمره، أو تمنع استمراره فى التعليم .ولا يجوز احتجاز الطفل إلا لمدة محددة، وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه فى مكان مناسب؛ بعيدًا عن أماكن احتجاز البالغين."

ويعيب تلك المادة عدم النص صراحة على سن الطفولة، ومن هنا يجب تحديد سن الطفولة وفقا للمعايير الدولية ومواثيق حقوق الطفل التي تحدد سن الطفولة من الميلاد وحتى 18 عاما. كذلك لا تضمن تلك المادة أدنى حماية للأطفال من مخاطر عمالة الأطفال، وهو ما يجب تجريمه في الدستور. وأخيرا لا تضمن المادة حق الأطفال في عدم التمييز على أساس الجنس، وحماية جسدية ونفسية.

رابعا: جاءت المادة (66) تنص على الآتي: "تحظر كل صور القهر، والاستغلال القسري للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار بالبشر، ويجرم القانون هذه الأفعال، ويحدد العقوبات التي توقع على ارتكاب أي منها."

ونظرا إلى أنه تمت الإشارة إلى تجريم الاتجار بالبشر في المادة 45 فلا داع لتكرار الإشارة إليها هنا بربطها بتجارة الجنس بما يوحي بقصر الاتجار بالبشر على تجارة الجنس. وبالتالي فإننا نطالب بإلغاء عبارة "تجارة الجنس" بحيث يصبح النص كالآتي: "تحظر كل صور القهر، والاستغلال القسري للإنسان، وكافة أشكال الاتجار بالبشر. ويجرم القانون هذه الأفعال ويحدد العقوبات التي توقع على ارتكاب أي منها."

خامسا: جاءت المادة (191) لتحدد نظام الانتخابات فيما يلي: "تكون انتخابات مجلس الشعب والمجالس المحلية التالية لتاريخ العمل بالدستور بنظام الانتخاب الفردى ".

إن قصر الانتخابات البرلمانية والمحلية على النظام الفردي يعيدنا إلى سيطرة الأموال وسيادة العصبية والقبلية على الانتخابات والحياة السياسية، كما يؤدي إلى إضعاف الحياة الحزبية الناشئة بدلا من دعمها وبنائها في الساحة السياسية المصرية بما يهدد المسار الديمقراطي المأمول. كما يساهم النظام الفردي في إبعاد وتهميش النساء في الانتخابات نظرا إلى الثقافة السائدة في المجتمع وعدم سيطرة النساء على الموارد المالية اللازمة بما يؤدي إلى عدم ضمان وجود تمثيل نسائي عادل في المجالس النيابية والمحلية.

ومن هنا يجب أن ينص الدستور على الجمع بين النظام الفردي ونظام القوائم، مع تحديد حصة عادلة (كوتة) للنساء في المجالس المنتخبة لضمان قدر من تكافؤ الفرص في البرلمان والمحليات.

وأخيرا، يتقدم تحالف المنظمات النسوية بالمطالب التالية:

أولا: بشأن مسار إعداد الدستور
1- أن تقوم لجنتكم الموقرة بتوسيع دائرة لجنة إعداد الدستور بحيث تتضمن كل الأعضاء الاحتياطيين ممن تم طرح أسمائهم للجنة إعداد الدستور، ودمجهم في مسار إعداد الدستور بحضور الاجتماعات والمشاركة في مناقشات اللجنة وطرح الرؤى المختلفة دون التمتع بحق التصويت.
2- ندعو لجنتكم الموقرة إلى الإعلان عن اللجان الفرعية، والحرص على أن تتضمن لجانا مجتمعية ممثلة بحق للمجتمع المصري وفئاته المختلفة ونقاباته وأحزابه ومجتمعه المدني، مع مراعاة ضمان مشاركة عادلة للنساء والشباب والقوى الوطنية والثورية.
3- أن تقوم لجنتكم الموقرة بتشكيل لجان مجتمعية متخصصة تعمل كحلقة وصل بين لجنة الخمسين واللجنة الفرعية من ناحية وبين المجتمع، على أن تضم في عضويتها شخصيات تعبر فعلا عن المجتمع المصري ومطالب الشعب المصري. وبذلك يتم إفساح المجال لوجود تمثيل جغرافي ومهني وثقافي وعمري واسع يتيح مشاركة قطاعات كبيرة من المجتمع المصري في كتابة دستوره.
4- أن تقوم لجنتكم الموقرة بتشكيل لجنة مجتمعية متخصصة في قضايا النساء "لجنة حقوق النساء" تتضمن في عضويتها عددا من النساء من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق النساء والحركات النسائية والمبادرات الجديدة جنبا إلى جنب مع ممثلات من لجان المرأة بالأحزاب السياسية.

ثانيا: بشأن مواد الدستور
1- يجب أن ينص الدستور على احترام مصر للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر.
2- تحديد حصة للنساء (كوتة المرأة) في المجالس المنتخبة، بنسبة لا تقل عن 35% من تشكيلها.
3- النص الواضح في الدستور على المساواة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين الجنسين، مع تجريم كافة أشكال التمييز.
4- إدماج النوع الاجتماعي ضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنمية البشرية، مع إلزام الدولة بتخصيص الموارد اللازمة (الرعاية الصحية، التعليم والبحث العلمي، المسكن، العمل، المعاشات والتأمين الاجتماعي، إلخ)، وذلك وفقا لمعايير وأهداف محددة.

وختاما، يسعدنا أن نرفق بهذه الرسالة كتيبا يتضمن لمحة من الجهود التي بذلها تحالف المنظمات النسوية على مدار العامين الماضيين لصياغة مقترحات بمطالب النساء وحقوقهن في دستور مصر الجديد، وذلك بناء على جهد بحثي، ودراسات ميدانية واستطلاعات رأي النساء من مختلف المحافظات ومن فئات وشرائح المجتمع على تنوعها، وصولا إلى 14 مادة مقترحة بمطالب النساء في الدستور.

لجنة النساء والدستور بتحالف المنظمات النسوية
القاهرة -  الأحد 8 سبتمبر 2013

- يمكن الاطلاع على نصوص مواد مقترحة للدستور بالضغط هنا.

رابط دائمhttp://nazra.org/node/255