عن تجربتها الأولى في خوض الانتخابات... نهي الشرقاوي تروي مشوارها في انتخابات مجلس الشعب 2011 \ 2012

د.نهي الشرقاوي - المؤتمر الختامي لقائمة الثورة مستمرة في المنصورة - 30 ديسمبر 2012
نهي الشرقاوي
طبيبة أسنان
  • فريق حملة د.نهي الشرقاوي بعد انتهاء الانتخابات

تدوينة

14 مايو 2013

تجربة الترشح لانتخابات مجلس الشعب بعد الثورة بالنسبة لي كانت تجربة فريدة وثرية. في البداية تم طرح أسمي من قبل بعض الأصدقاء من النشطاء وعلمت أن الفكرة لاقت قبولا من منسق الإعداد والإشراف على قوائم "الكتلة المصرية" وقتها -العالم الوطني الجليل أ.د. محمد غنيم- وهو ما شجعني بعد رفضي في البداية خوفا من تجربة كنت أشعر أني مازلت غير مؤهلة لخوضها في ذلك الوقت. ثم حدث عدم توافق سياسي بين حزب المصريين الأحرار وباقي القوى السياسية أثناء الإعداد للقوائم ليتولى بعدها د. غنيم الإعداد لقوائم الثورة مستمرة والتي شرفت بكوني إحدى مرشحيها عن دائرة الدقهلية الأولى (أقسام: المنصورة أول - المنصورة ثان - مركز المنصورة - بلقاس - طلخا - جمصة - ونبروه).

كانت البداية صعبة كوني مازلت شابة لم يسبق لي الترشح أو العمل الحزبي والانتخابي سابقا من جهة ومن جهة أخرى كوني "امرأة"... كانت خبرتي السياسية عمرها سنتان بدأت قبل الثورة بعام بانضمامي إلى الحملة الشعبية لترشيح د. محمد البرادعي للرئاسة، ثم تأسيسي للحملة بالدقهلية مع بعض الزملاء تلاها انضمامنا للجمعية الوطنية للتغيير في بداية تأسيسها وما تبعها من عمل دءوب بين المواطنين في الشارع لإقناعهم بإمكانية التغيير وتوقيع بيان التغيير، ثم مشاركتنا في التحضير ليوم 25 يناير 2011 وما تلاها من أحداث.

عارض وجودي كمرشحة بعض الأطراف خاصة من السياسيين القدامى ظنا منهم أن الانتخابات تحتاج إلى قوة بدنية وصوت عالي وجرأة أكبر وخبرة أكثر في الاحتكاك بالشارع، فتم وضع أسمي بصعوبة بالغة في الترتيب السادس في القائمة رغم ترشيحي في البداية في مقدمة القائمة دعما لشباب الثورة -كما قيل في البداية. كان علي أن أثبت جدارة الشباب واستحقاقهم لفرص أكبر وخاصة الإناث منهم، فكما ساهمنا قبل الثورة وأثناءها في تغيير نظام قمعي صلب كان علينا أن نكمل الطريق ونساهم في بناء حياة سياسية حديثة وهو ما حدث مع الوقت حيث تم تعديل ترتيبي بالقائمة وأصبح في الترتيب الثالث بعد فترة من العمل الجاد.

كانت التحديات كبيرة لعدة أسباب. السبب الأول: داهمنا الوقت لانشغالنا جميعا "كقوى ثورية" في أحداث محمد محمود ولم نبدأ عمل حقيقي إلا في أقل من 3 أسابيع كان علينا فيها أن نقوم بالدعاية الانتخابية وعقد المؤتمرات وزيارة قطاعات كبيرة من المواطنين..الخ. والسبب الثاني: كان معظم الشباب الثوري قد قرروا مقاطعة الانتخابات اعتراضا على أحداث محمد محمود مما تسبب في نقص الكوادر القادرة على العمل في الحملة الانتخابية وحشد الشباب -الفئة الأكبر عددا- للتصويت. السبب الثالث: واجهتني شخصيا تحديات خاصة بالتعامل مع جمهور كبير في المؤتمرات وكيفية كسب تأييدهم للتصويت للقائمة كوني لم أتدرب من قبل على مخاطبة جماهير كبيرة العدد ومختلفة الثقافات ومتنوعة بالإضافة إلى عدم تعود المواطن المصري على قبول مرشحين من الشباب وخاصة الإناث ، فقد كانت الصورة النمطية لمرشحي مجلس الشعب مرتبطة في الأذهان بالرجال الأقوياء أو ذوي السلطة والنفوذ أو المال.

بدأنا العمل بتكوين فريق الحملة الانتخابية مكون من عدد صغير من الشباب ووضعنا برنامج انتخابي مصغر خاص بي كمرشحة بالإضافة إلى برنامج "الثورة مستمرة" وتم طرحه على صفحة ومجموعة تم إنشاءهما على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك كنوع من توظيف الوسائل الحديثة في الدعاية. وبدأنا العمل على الأرض من خلال جولات في بعض شوارع المنصورة وبلقاس لتوزيع الدعاية وفتح حوار مع المواطنين. تحدثت في عدة مؤتمرات في المدن والقرى بالدائرة. أما التجربة الأكثر نجاحا على الإطلاق بالنسبة لي كانت جولات وزيارات لبعض المصالح الحكومية ومقابلة العاملين بها والتي لاقت قبولا واسعا وحققت نجاحا أسعدنا كثيرا.

كانت أهم الملاحظات التي خرجت بها من تجربة الحشد الانتخابي بأشكاله المختلفة ما يلي:
1- بالنسبة للطبقات المتوسطة والفوق-متوسطة والعليا بالمدن كان تقبلهم للمرشحة الشابة كبير ولم يكن ينقصهم سوى أن يشعروا بالمصداقية والتي اعتبرتها إحدى نقاط القوة التي استخدمتها في معاملاتي مع المواطنين. فالحديث الصادق كان يصل بسهولة وتغيير الأفكار القديمة عن السياسيين التقليديين الذين يستخدمون الوعود الكاذبة لكسب التأييد كانت مفتاح الحصول على أصواتهم.

2- في الريف كان الإقبال جيد جدا من الشباب والسيدات، وكان الترحاب والمناقشات تدعو للتفاؤل.

3- العصبية القبلية كانت عقبة كبيرة أمامنا حتى في بلدة والدي نظرا لوجود مرشحين من قوى الإسلام السياسي من نفس البلدة والذين اعتمدوا على 3 محاور في منافسة قائمتنا، وهم أولا: الاعتماد على الخدمات التي يقدمونها لأهالي البلدة، وثانيا: استخدام الدين في استمالتهم وتنفيرهم من القوى المدنية في نفس الوقت، وثالثا: استخدام الشائعات السلبية ضد قائمة الثورة مستمرة والراعي لها د. محمد غنيم ومع ذلك حققت القائمة نتيجة جيدة نسبيا.

4- نحتاج الكثير من الإعداد والتدريب الجيد لخوض تجربة كبيرة كهذه في مواجهة القوى الأخرى التي مارست العمل السياسي والتنظيم الانتخابي لسنوات طويلة سابقا، وأهم ما ينقصنا هو تدريب الكوادر من المرشحين والمشرفين على العملية الانتخابية برمتها.

وقد حالفني الحظ أن تعرفت على فريق نظرة للدراسات النسوية في بداية الحملة الانتخابية، ولقد ساهموا بشكل كبير في تطوير أدائي أمام الجمهور وساعدوني على ترتيب أفكاري قبل إلقاء كلماتي وخاصة في المؤتمر الختامي الكبير بالمنصورة والذي كان له تأثير إيجابي كبير. فمن خلال قيام فريق نظرة بالمتابعة المستمرة لخطواتي أثناء الحملة وتدريبهم الذي كان مفيدا جدا لي على المستوى الشخصي ومساهمتهم في تدريب الكوادر للإشراف على التصويت والفرز في نهاية الحملة، ساهم في قدرتنا على متابعة سير العملية الانتخابية بشكل جيد جدا وملحوظ لدرجة إشادة أعضاء حزب الحرية والعدالة بفريق الثورة مستمرة.

5- في نهاية التجربة، وبعد أن تكونت مع الوقت مجموعة كبيرة من الشباب الذين تحمسوا وساهموا في الحشد والإشراف على الانتخابات بدائرة المنصورة على وجه التحديد، كانت النتائج مبهرة مع أخذنا في الاعتبار الوقت القصير ونقص الإمكانات المادية والدعائية، وكانت أهم هذه النتائج اعتراف من كانوا غير مقتنعين بخوض الشباب لهذه لتجربة أنهم أخطئوا التقدير وإنه من الممكن تقديم صورة جديدة غير نمطية لمرشحي مجلس الشعب قادرين على تمثيل قطاعات من الشباب مؤمنين أن المصداقية والإخلاص والرغبة في التطوير أهم مقومات المرشح من وجهة نظرهم.

رابط دائمhttp://nazra.org/node/225